الكلمة الخمسون ، قوله عليه السلام : من نَظَر اعتَبَرَ
«النظر» معناه هنا التفكّر ؛ و «اعتبر» من الاعتبار بمعنى العبرة ، و هي التأمّل في الأشياء و اكتساب النصيحة ، كمن نظر في الدور الخربة الّتي باد أهلها ، و تأمّل في عدم بقاء الدنيا و عدم اعتبارها ، و حصل له من ذلك النظر في نفسه عدم الاعتناء بها ، يقال له : رجل معتبر ، أي : حاصل له العبرة .
و المقصود : أنّ العبرة لا تنفكّ عن التأمّل ، و من فوائده الرسوخ في معرفة اللّه تعالى ؛ فإنّ من تفكّر في مصنوعاته و الدقائق المخلوقة فيها تيقّن بأن ليس لها خالق سوى اللّه تعالى ، و هي الفائدة العظمى .
و حُذف متعلّق النظر ليذهب ذهن السامع كلّ مذهب ممكن و لقصد الاختصار ۱ ، و في الذكر بلفظ العموم يمكن تحصيل الأوّل دون الثاني .
الكلمة الحادية و الخمسون ، قوله عليه السلام : العَداوَةُ شغلُ القَلبِ
«العداوة» كالقساوة لفظا و تقرب منها معنى ، هي العقدة الحاصلة في القلوب بحصول المكروهات ؛ و «الشغل» بضمّ الشين : ما يُشتغل به . «القلب» يطلق تارة على الشكل الصنوبري الّذي هو قطعة لحم ، إذا شقّ وجد في وسطه دم غليظ يسمّيه بعض الأطبّاء الروح الحيواني ؛ و تارة على القوّة المدركة الرئيسة الآمرة لسائر الأعضاء ، و الظاهر أنّ غاية العلاقة به غير باقي الجوارح ، و المراد به هنا تلك القوّة ؛ لأنّ إسناد الإدراك و الاشتغال إليها يمكن ، و أمّا إلى ذلك الشكل الساذج منها فلا ؛ تأمّل .
و له قسمان : منكوس ، و غير منكوس . و نعرّف المنكوس ليعلم غيره ؛ فإنّما
1.مثلاً هرگاه گفته شود كه «من نظر في العالم» معنى اولى كه رفتن ذهن شنونده باشد به هر مذهب ممكنى حاصل مى شود ، امّا فايده اختصار فوت مى شود .منه عفي عنه