تُعرف الأشياء بأضدادها ، فنقول : يطلق المنكوس على قلوب العصاة ، الّتي أحاطت النقطة السوداء الحادثة من كثرة المعصية بها ، و غيره غيرها .
و المراد : أنّ العداوة من أعظم مضارّها هي : أنّها تشغل قلبك الّذي بإقباله على العبادة صارت مقبولة ، و تأخذ من يدك بيت ربّك المعمور فيك ، فإنّ بعض المفسّرين قال في تفسير قوله تعالى : «وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ »۱ : «هو قلب المؤمن الّذي عمر بمعرفة اللّه تعالى و عبادته» ، فإيّاك و العداوة .
و في بعض النسخ : العَداوَةُ شُغلٌ شاغِلٌ ، أي : شغل عظيم مانع من أن يشتغل صاحبها بشغل آخر ، بل لايمكنه ؛ و لا تفاوت بين العبارتين .
الكلمة الثانية و الخمسون ، قوله عليه السلام : القَلبُ إذا اُكرِهَ عَمِيَ
كلمة «إذا» ظرفيّة تضاف إلى الجمل مطلقا ؛ و «الإكراه» الإجبار ؛ و «عمي» كَرَضي ۲ من العمى : عدم البصر عمّن هو من شأنه ، و يطلق مجازا على الكلالة و السآمة ، و هو المناسب بهذا المقام .
و المعنى : أنّ إجبار النفس على فهم الاُمور سبب عمى القلب ، أي : كلالته و تضجّره ، فلا فائدة فيه ؛ لأنّ مكتسبات القلوب ـ من الآداب و العلوم و غيرها ـ لاتتحصّل إلاّ بشوق من النفس ، يحرّكها و يميلها إليها و ينافيه إجباره .
و عدم ذكر متعلّق الإكراه من أدّل الدلائل على عدم تخصيصه ، فتخصيصه بالإكراه على طلب العلوم ـ كما فعله بعض الشرّاح ـ لا وجه له .
1.الطور ، الآية ۴ .
2.في النسخة : «كَرَمى» ، والصحيح ما أثبتناه .