الكلمة الثالثة و الخمسون ، قوله عليه السلام : الأَدَبُ صُورَةُ العَقلِ
«الأدب» مفرد الآداب ، و قد مضى شرحه ، و كذا «العقل» ؛ و «الصورة» تطلق على ما هو الظاهر من الحيوان ، و قد تطلق على الكيفيّة الحاصلة في الذهن من كلّ شيء .
و المعنى : أنّ العقل إذا فرض شخصا ذا أعضاء و جوارح ، فالأدب صورته ، أي : أحسن أعضائه الفائضة عليه ، فعليكم به ؛ لأنّ أشرف ما خُلق في الإنسان هو العقل ، و الأدب أشرفه ، فهو الأشرف من الأشرف ؛ ففي هذه العبارة البليغة إشارة إلى أنّ من لا أدب له لا عقل له .
و لايخفى ما فيها من الاستعارة بالكناية بتشبيه العقل بذي الصورة ، و التخيّليّة بإثباتها له .
الكلمة الرابعة و الخمسون ، قوله عليه السلام : لا حَياءَ لِحَرِيصٍ
«الحياء» صفة كمال للإنسان ، بل رأس الصفات و أعلاها ، كما قال عليه السلام : «ينبغي أن تكون في المؤمن صفات» ، و عدّدها و قال : «رأسهنّ الحياء» ۱ ، لكنّه حياءان : حياء حمق ، و حياء عقل .
و الأوّل : هو المانع من الرزق ، و صاحبه لايبالي بأن يعمل بالشرع أم لا ، و لكن يستحيي من بعض الاُمور الجزئيّة ، كالحياء من السلام بين الأنام ، و الأكل بقدر المعتاد ، و غير ذلك .
و أمّا الثاني : فهو عبارة عن مراعاة الشرع بكماله ؛ واجباته و مستحبّاته بأدائها ، و محرّماته بتركها .
و «الحريص» قد شرحناه .
1.بحارالأنوار ، ج۶۹ ، ص۳۷۲ ، ح۱۷ .