و المعنى : أنّ الحريص مسلوب عنه الحياء ، الّذي هو العمدة في محاسن الأخلاق ، و وجهه : أنّ الحريص على الشيء يحبّه ، و حبّ الشيء يعمي و يصمّ و يزيّن المحبوب في نظر المحبّ ، و من كان أعمى فقد اشتهر أنّه لا حياء له ، فكيف من كان أعمى و أصمّ كليهما ، و الحريص بالنسبة إلى كلّ شيء كذلك ، فلم يكن له حياء أصلاً ، فلهذا[الإمام] عليه السلام أدّاه ب : لا ، الّتي لنفي الجنس .
الكلمة الخامسة و الخمسون ، قوله عليه السلام : من لانَتْ أَسافِلُه صَلُبَت أَعالِيه
«لانت» للمفردة المؤنّثة الغائبة من اللين ، خلاف الصلابة ، و هي الخشونة ؛ و «أسافل» جمع الأسفل ، و «أعالي» جمع ضدّه .
و في هذا الكلام ثلاث كناياتٍ :
الاُولى : أنّ اللين كناية عن الضعف ؛ لأنّ الضعيف لا علاج له إلاّ الملاءمة .
و الثانية : كناية الأسافل عن الأتباع و المطيعين .
و الثالثة : كناية الأعالي عن ذوي الاقتدار و التفوّق .
و حاصله : أنّ من ضعف أتباعه و من كان مطعيا له ـ إمّا لقلّتهم أو بالفقر ـ قوي من كان فوقه و أعلى منه .
و المقصود : الإرشاد إلى طريق سياسة الرئاسة ، بأنّ من أراد أن لايكون مقهورا بين أعدائه يلزم أن : يُقوي أتباعه و يستميلهم بالإحسان باللسان أو بالمال و الخلع و المواساة و المراعاة إلى كلّ أحدٍ بقدر ما يناسبه .
الكلمة السادسة و الخمسون ، قوله عليه السلام : السَّعِيدُ من وُعِظَ بِغَيرِه
«السعيد» فعيل من السعادة عكس الشقاوة ؛ و «وعظ» واحد المذكّر من مجهول الماضي من الوعظ بمعنى الاتّعاظ ، و أصل معناه : ما يقوله الواعظ حالة الوعظ ، و الاتّعاظ : قبول النصيحة ، و بالفارسيّة : پند گرفتن .