كاشف النكات في شرح الكلمات - صفحه 326

و المراد : أنّ من علامات السعداء الاتّعاظ بغيرهم ، بمعنى : أنّهم إذا رأوا شخصا مشتغلاً بالماضي هم يتركونها ، و إذا رأوا أحدا يعظ آخر هم يتّعظون ، فلا يحتاجون إلى واعظ .
و الناس قسمان بحكم كريمة «فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَ سَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِى النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ »۱«وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِى الْجَنَّةِ خَــلِدِينَ »۲ .
و المراد بالسعادة السعادة الاُخرويّة ، كما أنّ المراد بالشقاوة كذلك ، و الظاهر أنّ الشقيّ في الدنيا شقيّ في الآخرة بدليل قوله تعالى : «وَ مَن كَانَ فِى هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِى الْأَخِرَةِ أَعْمَى وَ أَضَلُّ سَبِيلاً »۳.

الكلمة السابعة و الخمسون ، قوله عليه السلام : مَن كَثُرَ فكرُهُ في العَواقِبِ لم يَشْجَعْ

«الفكر» جمع الحواسّ الباطنة للتأمّل في أمرٍ ؛ و «العواقب» جمع العاقبة ، و هي مآل الاُمور و منتهاها ؛ و «يشجع» مضارع شجع من باب منع من الشجاعة ، و هي الاقتحام في الاُمور الشاقّة سيّما الحروب لكن بالرويّة ، فيمكن أن يكون الفرار ـ إذا كانت المصلحة فيه ـ شجاعة ، و أمّا الانهماك في مزاولتها فيسمّونه التهوّر و التجرّي ، و لايمدح صاحبه لإمكان إهلاكه نفسه عبثا .
والمعنى : أنّ كثرة التأمّل و التدبّر في نهايات الاُمور مانعة عن ارتكابها ؛ لأنّه إذا تأمّل تظهر له مضارّها و مهالكها ، و النفس لاتجسر على المهلكة ، فيليق له التوكّل على اللّه عز و جل .

الكلمة الثامنة و الخمسون ، قوله عليه السلام : إذا حَلَّت التَّقادِيرُ ضَلَّت التَّدابِيرُ

كلمة «إذا» استعملت هاهنا في مقام متى ، فتفيد الكلّية ، كما قاله المفسّرون في

1.هود ، الآية ۱۰۵ و ۱۰۶ .

2.هود ، الآية ۱۰۸ .

3.الإسراء ، الآية ۷۲ .

صفحه از 356
کلیدواژه