اللفظ بتأويل المصدر الأوّل بالفعيل و الثاني بالأفعل ، و في المعنى باعتبار عدم المبالغة .
الكلمة الخامسة و الستّون ، قوله عليه السلام : أَوْحَشُ الوَحْشَةِ العُجْبُ
«الوحشة» ضدّ الاُنس ؛ و «العُجب» بضمّ العين و سكون الجيم فُعل من العَجَب : استحسان المرء جميع أفعاله و تكبّره ، و العُجب بالعبادة الخيلاء بها و الافتخار بأدائها تامّة الأركان ، و هو شعبة من الرياء و من المهلكات ، كذا قاله الشيخ الزاهد أحمد بن فهد الحلّي .
و «الوحشيّ» يطلق على الحيوانات الساكنة في الجبال و البراري ، و مقابله الإنسيّ .
و المقصود : أنّ الأوحش من الوحشة العجب ، لأنّ المعجب المتكبّر لايلتفت إليه أحد و لايلتفت هو إلى أحد ، و علّة عدم الالتفاتين عجبه ، فكأنّما نازع اللّه في ردائه ، و أنّ صاحب هذه الخصلة لا اعتناء بأعماله عند اللّه ، و فيه مبالغة بليغة .
و يمكن أن يقال : أوحش من الوحشي المعجبُ ، فالتكبّر صفة ذميمة بحيث لايستأنس أحد إلى صاحبها ، بل التكبّر معه عبادة ، بدليل قوله عليه السلام : «التكبّر مع المتكبّر عبادة» ، و في خبر : آخر «ته مع التاهي حتّى ينسى التاهي تيهه» .
الكلمة السادسة و الستّون ، قوله عليه السلام : أَغَنى الغِنَى العَقلُ
«الغنى» بالقصر عدم الاحتياج إلى الخلق ، و هو ضدّ الفقر ، و بالمدّ هو الصوت المغيّر حال سامعه طربا أو غيره ، و هو الفرد المحرّم من الأصوات تصويته و سماعه ، و هو هنا ليس بمقصود ؛ و«أغنى» اسم تفضيل منه .
المراد : أنّ أكمل أفراد الغنى الغنى بالعقل ؛ لأنّ الغنيَّ بالمال يصون عرضه و ماء وجهه به ، و به يواسي إخوانه ، و يصل أرحامه ، و يعطي حقّ الفقراء و المساكين ،