بشرط أن يكون عاقلاً .
و أمّا المليّ بلا ذلك الجوهر ، فهو به هتّاك عرضه و عاقُّ إخوانه و قَطّاعُ ذوي أرحامه .
و أمّا العاقل بلا مال ، فهو مستقلّ في حصول جميع تلك الفوائد ، لا احتياج له إلى غيره ؛ و إذا تأمّل فيما ذكر ، علم أنّ العقل أغنى الغنى .
و تأويل الغنى بالأغنياء و العقل بالعاقل احتمال خال عن المبالغة المستفادة من الأوّل .
الكلمة السابعة و الستّون ، قوله عليه السلام : احْذَرُوا النِّعَمَ فما كُلّ شارِدٍ بِمَرْدُودٍ
«احذروا» جمع المذكّر من فعل الأمر ، مأخوذ عن الحذر بمعنى الاحتراز ؛ و «النعم» بكسر أوّله و فتح ثانيه : جمع النعمة، كالحِكَم جمع الحكمة، و الفاء فصيحة، و هي الّتي تدخل على جملة تكون جوابا عن سؤال اقتضته الجملة السابقة ؛ و كلمة «كلّ» يقع سورا للقضايا الكلّيّة ، و من خواصّه أنّ لام الاستغراق لاتدخله ؛ لأنّه يدلّ على ما يدلّ عليه فلا فائدة فيه .
و «الشارد» فاعل من الشرد ، الّذي معناه بالفارسيّة : رميدن ؛ و «المردود» مفعول من الردّ ، و هو إرجاع الشيء على ما كان عليه .
و يمكن التوجيه بوجهين :
الأوّل : أن يكون الحذر كناية عن الحفظ ؛ فإنّه يلزمه ، و يكون المعنى : احفظوا النعم ـ أي : جميعها ظاهرها و باطنها ـ عن الزوال بأداء شكرها و صرفها في مصارفها الّتي أمر اللّه تعالى بالصرف فيها ؛ و كأنّه قيل : لأيّ شيء يحفظ النعم ؟ فقال : فما كلّ نعمة شردت و سلبت بمردود على صاحبها .
و الثاني : أن يكون في العبارة مضاف مقدّر ، تقديره : احذروا سلب النعم و زوالها ، فيكون مجازا في الحذف لا كناية ، و يؤيّده ما في بعض النسخ من قوله : «احذروا نفار النعم» ، و حاصله : أنّ النعمة كالطير ، متى كانت في قفص المراعاة و المحافظة ـ بإخراج