منتخب الجواهر العليّة في الكلمات العلويّة - صفحه 43

اختارهم اللّه تعالى ، وشرّفهم بالكمالات الإنسانية والأوصاف الربّانية ، المقتدين بآثار خير خلق اللّه بسبب متابعة الوصيّ الوليّ المُنزل في شأنه سُوَر وآيات من الفرقان .
وبعد ، فيقول الفقير الحقير المحتاج إلى رحمة الملك الهادي ، المفتقر إلى كرمه وعفوه الشهير بعلي البغدادي : لما وفّقني اللّه تعالى وفطرني على محبّة الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين ، كنت في أوّل سنّ التمييز سالكاً في هذه الجادّة المستقيمة ، راكباً في السفينة المأمونة ، مشتغلاً بمطالعة آثارهم والنظر في الكتب المشحونة بأقوالهم وأخبارهم ، سيّما كتاب الواحدة ، وكتاب كشف الغمّة ، ونهج البلاغة ، والفصول المهمّة ، وسائر الكتب المؤلَّفة في أحوالهم ، دعاني التوفيق إلى التقاط بعض الدرر المزبورة فيها المنسوبة إلى آدم الأئمّة وكاشف الغمّة صلوات اللّه عليه ، ولم يساعدني الوعد إلى إبرازها وترتيبها ؛ لصور عايقة لم يسع المجال لإظهارها .
وقد نسجتْ على ما استخرجتُ منها عناكب النسيان ، حتّى غُصت في بحر غرر الحكم ودرر الكلم الّتي جمعها من حكمه . صلوات اللّه عليه . أوحدي الزمان وعلاّمة العصر والأوان عبدالواحد الآمدي التميمي ، الّذي شنع كثيراً على الحبر الألمعي حافظ جامع المئة الكلمة المشهورة من كلماته صلوات اللّه عليه ، ونسبه إلى التقصير في إفرازها ، وقال :
يا للعجب من هذا الرجل . وهو علاّمة زمانه ، مع تقدّمه وقربه من الصدر الأوّل . كيف غشي عن البدر المنير ، ورضي بالقليل عن الكثير ، وهل ذلك إلاّ بعضٌ من كلٍّ وقلّ من جلٍّ؟!
فالعبد المقصّر في العلم والعمل جمع منها يسيراً من قصير حكمه ، وقليلاً من خطير كلمه ، ما يخرس البلغاء عن مساجلته ، ويبلس الحكماء عن مشاكلته . ۱
غير ما كان في المئة الكلمة المذكورة المشهورة وثلاثمئة كلمة المسياة ۲ المسمّاة ب. نثر اللآلي بجوهر عباراتها ، إلاّ ما كان جزءاً من كلمة أو توطئة لأمر ؛ إذ الغرض من تنميقها حاصل . ورتّبتها على ترتيب حروف التهجي ، ولكلّ حرف اختلف موارد استعماله لها في

1.وجدنا هذه العبارة مع تفاوت ، في خطبة كتاب غرر الحكم ودرر الكلم .

2.كذا في النسختين.

صفحه از 212