رسالة في تحقيق حال كتاب فقه الرضا (ع) - صفحه 482

يكون ما نحن فيه أيضاً من هذا القبيل .
والّذي ندّعيه إنّما هو قضاء العادة بأنّه لو كان من الإمام عليه السلام لكان يوجد منه أثر بين أصحابنا في الأعصار السالفة والقرون الخالية ، كما هو المشاهد في نظائرها ، والقول بأنّ تحقّق هذا أيضاً موقوف على عدم المانع ، وهو غير معلوم في غاية السقوط ، وذلك لأنّا لا نريد أن نثبت بذلك عدم كونه منه عليه السلام على سبيل القطع واليقين ، بل المقصود أنّ هذا ممّا يوجب الظنّ القويّ بعدم صدوره منه عليه السلام ، وأقلّ ما يقتضيه ذلك أنّه يمنع مؤيّدات طرف الثبوت عن إفادتها الظنّ به ، وهو أيضاً كافٍ في عدم الحجّيّة .
ولا يخفى أنّ الظنّ بعدم المانع قائم في المقام ؛ فإنّ من لاحظ أمثال ذلك تبيّن له أنّه قلّ أن يوجد فيها شيء لم يكن منه أثر ولا عين في القدماء .
ومنها ، أنّ في هذا الكتاب اُمورا تنادي بأعلى صوتها أنّه ليس من الإمام عليه السلام ، وسياقه سياق لا يشبه سياق كلمات المعصومين عليهم السلام ، وإن شئت أن تطّلع على حقيقة الحال فعليك بإمعان النظر فيما نتلو عليك من المقال .
فنقول : من جملة تلك الاُمور أنّ كثيراً من أحكام هذا الكتاب بل أكثرها من مرويّات صاحبه ، وليست مستندة إليه صادرة عنه ، من غير رواية وإسناد ، وجملة كثيرة من رواياته ليست مرويّة عن شخصٍ معلوم أو إمام مشخّص ، بل غالبها من المراسيل الّتي عبّر عنها بألفاظ تبعّدها عن درجة المراسيل المعتبرة ، كألفاظ «رُوي» و«يُروى» و«أروي» و«نروي» و«قيل» ونظائرها ، ممّا في معناها .
ولا يخفى على من تتبّع الأخبار ولاحظ سياق كلمات أئمّة الأطهار عليهم السلاموخصوص ما صدر عن مولانا الرضا عليه السلام ومن تقدّمه ، أنّ أمثال ذلك لا تكون صادرة عنهم عليهم السلام وما ينبغي لهم من وجهين :
أحدهما ، أنّ هذا ممّا لم يعهد عنهم ولم يوجد في شيء من أخبارهم الّتي بين أيدينا ، وكتب أخبارنا مملوّة منها ، وحيث لم يوجد ذلك في سائر رواياتهم أو لم يشاهد إلاّ في نادر من الأخبار ، حصل الظنّ القويّ بأنّ ما كان غالبه من ذلك القبيل

صفحه از 514