رسالة في تحقيق حال كتاب فقه الرضا (ع) - صفحه 503

كتاب مجعول ، إنّما يصرّ في ترويجه واشتهاره ، ويدعو الناس إليه ، ويأمرهم بالاعتماد عليه ، كما هو المشاهد من الكذّابة والغلاة الّذين ظهروا في أعصار الحضور وأوائل الغيبة ، ووردت في شأنهم أخبار ، وخرجت في ردّهم توقيعات مشهورة بين الأصحاب ، فلو كان هذا الكتاب من المجعولات لكان يظهر منه عين أو أثر بين قدماء الأصحاب والمتوسّطين ، ولكان أهل الرجال يذكرون كلمات الأصحاب في ردّه أو قبوله .
فكما قلنا فيما مرّ أنّه «لو كان من تأليف الإمام لكان يظهر منه أثر» نقول هنا أيضاً : إنّه لو كان من المجعولات لكان يُظهره الجاعل ومتابعوه ، بل الدواعي في ترويج الباطل أكثر ، وميل أكثر الناس إلى أمثالها أشدّ ، وهذا إنّما يتمّ على فرض كونه من القديميات ، كما ادّعاه السيّد المتقدّم ۱ .
وبالجملة ، ففي المقام احتمالات : أحدها ، أن يكون هذا الكتاب من تأليف الإمام الثامن عليه السلام ، وقد عرفت ضعفه مفصّلاً .
وثانيها ، أن يكون كلّه أو بعضه مجعولاً عليه ، وقد ظهر ما فيه أيضاً .
وثالثها ، أن يكون متّحداً مع رسالة عليّ بن بابويه ، ويكون من مصنّفات هذا الشيخ ، كما توهّمه بعضهم ، وهو وإن كان مناسباً لما مرّ من موافقة أكثر عباراته وفتاويه لما حكي عن رسالة عليٍّ في الفقيه وغيره ، ولما يشاهد من أنّ الرجل قد ينسب إلى جدّه كما اتّفق في كثير من علماء الفريقين ، وأنّ جدّ عليٍّ كان مسمّى بموسى ، كما صرّح به علماء الرجال ، إلاّ أنّ التأمّل في تضاعيفه وملاحظة سياق عباراته في بعض المقامات وخصوص عدم اشتماله على شيء يدلّ على أنّه رسالة إلى شيخنا الصدوق الّذي قد صنّف والده الرسالة له ، ممّا يأبى عن ذلك أيضاً أشدّ الإباء .
ورابعها ، أن يكون من مؤلّفات بعض أكابر قدماء رواة أخبارنا ، أو فقهائنا العاملين

1.مستدرك الوسائل ، ج۳ ، ص۳۴۵ .

صفحه از 514