إن قلت : ما مرّ من أنّ جملة من الرواة رووا عنه عليه السلامكتباً أو نسخاً ۱ ، وكذا ما مرّ من أنّ الشيخ منتجب الدين ذكر أنّ محمّد بن أحمد بن محمّد الحسيني صاحب كتاب الرضا يعطي أنّ كتاباً بل كتباً منه عليه السلامكانت معروفة بين القدماء أيضاً ۲ ، فلا يبعد أن يكون ذلك الكتاب أيضاً من جملة تلك الكتب ، أو يكون خصوص ما قاله الشيخ منتجب الدين ، فلا يصحّ نفي اشتهاره وشيوعه بين القدماء ، سيّما بعد الالتفات إلى موافقة أكثر عباراته لعبائر رسالة عليّ بن بابويه ؛ فإنّه ممّا يؤيّد ذلك ، ويلوح منه أنّه كان موجوداً عنده ، وكان معتبراً لديه ، كما نصّ عليه الفاضل التقيّ المجلسي رحمه الله في مواضع من شرحيه العربي والفارسي على الفقيه ۳ .
قلت : ما مرّ من العبائر الناصّة على أنّهم رووا عنه عليه السلام كتباً أو نسخاً لا يقتضي أزيد من أنّ للكتب المذكورة نسبة إليه ، وكذا ما قاله منتجب الدين ، وأمّا أنّها من جمعه وتأليفه عليه السلام فكلاّ ، وستعرف تفصيله فيما سيأتي .
وأمّا حكاية موافقة جملة من عبائره للرسالة ، فهي إن لم تكن موهنة له على الوجه الّذي سنفصّله ، لا يقتضي تأييده كما ستعرف .
ثمّ لا يذهبنّ عليك أنّا لا نريد بما فصّلناه في المقام ما قيل من «أنّ الكتاب المذكور لو كان منه عليه السلام لتواتر ، لتوافر الدواعي على نقله ، واللازم باطل فالمقدّم مثله» ، لينتقض بما يشاهَد من عدم تواتر جملة كثيرة من نظائرها كالصّحيفة السجّاديّة ، وكثير من معجزات النبيّ والأئمّة عليهم السلام وأفعالهم ، وليقال : إنّ مجرّد اقتضاء توفّر الدواعي لا يكتفي في تحقّق التواتر ، بل لابدّ فيه من فقدان المانع عنه أيضاً على طريقة سائر المحدّثات المسبّبة عن أشياء تقتضيها ، وهو ممّا تخلّف في كثير من أمثال المقام ، فلا يبعد أن
1.اُنظر الرسالة ، ص۹ .
2.لاحظ : مفاتيح الاُصول ، ص۳۵۲ ؛ عوائد الأيّام ، ص۲۴۸ .