عن أنّ التعبير عن بعض الأئمّة عليهم السلامبالعالم والفقيه ونحوهما إنّما هو شيء شاع في أصحابنا في زمن الغيبة الصغرى ، وانقطاع أوان الحضور ونحوه ، [ و ] قبله لم يعهد عن أصحابنا ذلك ، ولم يكونوا يعبّرون بمثل هذا إلاّ نادراً ، وكان المعروف بينهم التعبير عنهم بكناهم وألقابهم المشهورة .
والظاهر أنّ ما وقع لمولانا القائم . أقام اللّه به أركان الشريعة وأقرّ بظهوره عيون الشيعة . في جملة من توقيعاته ممّا مرّ وغيره من أمثال ذلك التعبير إنّما نشأ من جهة ما شاع في أوائل غيبته في ألسنة الرواة وعلماء الأصحاب ، وما كان معهوداً بين السفراء وغيرهم ، واستقرّ عليه ديدنهم في مكاتباتهم إيّاه عليه السلامومخاطباتهم له عليه السلام ، من تعبيرهم عن بعض آبائه عليهم السلام بذاك اللقب .
والوجه في ذلك : أنّ مِن المُشاهَد المعروف بين أهالي العرف والعادات أنّ من يجيب أحداً في مسألة من المسائل ويتكلّم معه في أمر من الاُمور ، يوافقه كثيراً ما في اصطلاحاته ويتكلّم معه على وفق ما هو المعهود لديه ، فبعد التأمّل في هذه الطريقة وثبوت أنّ هذا الاصطلاح كان شائعاً بين الشيعة في زمان الغيبة الصغرى يظهر وجه تعبير القائم عليه السلام بأمثال ذاك اللقب ، ولا يخفى أنّ هذا لا يقتضي تعميم الاصطلاح والقول بجريانه في زمن الحضور أيضاً ؛ فإنّ المعهود من أئمّتنا فيها خلافه ، كما نبّهنا عليه ، ولا يبعد أن يكون المراد بالعالم والفقيه في خصوص هذه التوقيعات أحد العسكريّين عليهماالسلام ؛ فإنّهما ممّا عُدّا من ألقاب أحدهما ، كما يستفاد من جملة من كتب المناقب والسير ، ولعلّ مراد السفراء والمكاتبين أيضاً ذلك .
وهذا الاحتمال جارٍ في كلام الكليني في خطبة الكافي أيضاً ، حيث قال :
فاعلم يا أخي أرشدك اللّه ، أنّه لا يسع أحداً تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء برأيه ، إلاّ ما أطلقه العالم بقوله عليه السلام : «اعرضوها على كتاب اللّه ، فما وافق كتاب اللّه . عز و جل . فخذوه ، وما خالف كتاب اللّه فردّوه» ، وقوله عليه السلام : «دعوا ما وافق القوم ؛ فإنّ الرشد في خلافهم» ، وقوله عليه السلام : «خذوا بالمجمع عليه ؛ فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه» . ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلاّ أقلّه ، ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى