رسالة في تحقيق حال كتاب فقه الرضا (ع) - صفحه 501

المذهب لا يستلزم عدم كون مؤلّفه من أصحابنا العاملين بأخبار الآحاد ؛ فإنّ من تتبّع كلمات القديمين والصدوقين والشيخين وقف على كثير من متفرّداتهم المخالفة للإجماع والضرورة ، باعتبار ما وجدوه في جملة من الأخبار المحمولة على التقيّة أو غيرها ، وفي تعرّضنا لعدّ تلك الفتاوي في هذا المقام خروج الكلام عن النظام ، فراجع وتأمّل ، ولا تظنّنّ أنّ مخالفة بعض الفتاوي المذكورة لما نجده من الضروريّات ممّا يوجب قدحاً عظيماً في أعاظم فقهاء الطائفة ؛ فإنّ مخالفة الضرورة إمّا كفر أو خروج عن المذهب .
بل قد يقال : إنّ مخالفة الإجماع أيضاً كذلك ؛ لأنّا نقول : إنّ مخالفة الضروري إنّما يقدح في صورة علم المخالف بكونه ضروريّاً ، وأيضاً مخالفة الإجماع القطعي إنّما يضرّ في صورة علم المخالف بقطعيّته ؛ وذلك لأنّه ينجرّ إلى تكذيب قول من قوله الحجّة ، من النبيّ والإمام ، وأمّا إذا لم يكن المخالف معتقداً لذلك فلا دليل على قدح ذلك أيضاً فيه ، وحاشا أن يكون هؤلاء الأعلام قائلين بما كانوا قاطعين بخلافه .
ولا يخفى أنّ كلاًّ من الضروري والإجماعي ممّا يختلف فيه الآراء ، فربّ ضروريٍّ عند بعض وقطعيٍّ عنده لا يكون كذلك عند آخر ، كما أفاده الوالد الماجد القمقام في رسالته المعمولة في الإجماع ، فلا تغرّنّك ما يقتضيه كلمات جملة من القاصرين من متأخّري المتأخّرين والمعاصرين ، حيث يقدحون في أفاخم علمائنا بمجرّد مخالفة بعض فتاويهم لما يجدونه من الضروريّات والإجماعيّات ؛ فإنّه كلام قشريٌّ ناشٍ من تقليد الأساتيد .
نعم يتّجه ذلك في بعض المقامات ، كالمذاهب الفاسدة المحدثة الناشئة من كثير من الصوفيّة والغلاة والأخباريّة ، الّذين قد علمنا من طريقتهم أنّهم في مقام تخريب الدين وتضييع شريعة سيّد المرسلين ، كما يستفاد من بعض الأخبار المعتبرة .
وبالجملة ، فمجرّد مخالفة ما نجده ضروريّاً أو إجماعيّاً لا يقدح في قائله ؛ فإنّه قد يكون خلافه ضروريّاً أو إجماعيّاً لديه ، وحينئذٍ فموافقته ممّا يقدح فيه ، فتأمّل

صفحه از 514