وأمّا ما قاله في مواضع اُخرى من كتابه في شأن فتاوي النهاية من أنّ ما ذكره الشيخ فيه إنّما أورده إيراداً لا اعتقاداً وقد اعتذرنا له في خطبة الكتاب ۱ ، فهو كلام شعريٌّ ساقط عن درجة الاعتبار ، وإنّما هو أمر ناش ممّا بنى عليه أمره من نقض فتاوى الشيخ ومن تبعه وكسر صولته وتوهين من تقدّمه من أعاظم الفقهاء ؛ وذلك لأنّ الظاهر من سياق الكتاب المذكور ومن طريقة الشيخ .
وممّا قاله في خطبة الجمل والعقود وآخر الاستبصار . من أنّه يصلح للحفظ . أنّ ما أورده فيه مذهبه وفتياه ، ۲ كما يكشف عنه عدم تعرّضه لمضامين جميع ما رواه في كتابَي الأخبار في خصوص هذا الكتاب ؛ فإنّه لو كان بناء الشيخ في الكتاب المذكور على ذكر مجموع ما روي له في كلّ واحد من المسائل لا على خصوص ما كان يذهب إليه ويعتقد حقّيته من تلك الأخبار ، لكان يذكر في أغلب مسائله أحكاماً مختلفة من غير أن يرجّح أحدها .
ولا يخفى أنّ ظاهر كثير من فقهائنا المتأخّرين عنه أيضاً ، ما ذكرناه ؛ فإنّ مَن تتبّع كلماتهم ، و لاحظ عبائرهم في مقام تفضيل الأخبار ، وشاهد خصوص ما في مواضع كثيرة من المختلف ۳ والمهذّب البارع ۴ الجامعين لأكثر الأقوال ، وقف على غير موضع ممّا ينبئ عن ذلك ، واتّضح له أنّهم كانوا يعتقدون فتاوى النهاية معتقداً للشيخ ، وهذا أيضاً ممّا يقوّي ذلك المرام .
لا يقال : إنّ ابن إدريس لقرب عصره من عصر الشيخ ، وكونه من أحفاده من جانب الاُمّ ، ونهاية اطّلاعه على كلماته ، ووقوفه على جملة من كتبه الّتي لم يقف عليها أكثر
1.السرائر ، ج۱ ، ص۶۳۲ ؛ وج۲ ، ص۳۵۱ و۵۴۱ و۵۸۹ ؛ وج۳ ، ص۱۱ و۱۴ و۱۸ و۲۳ و۳۲ و۳۳ و۴۵ و۷۴ و۹۳ و۱۰۸ و۱۲۳ و۱۶۰ و۱۷۱ و۱۹۲ و۲۱۰ و۲۸۶ و۳۳۰ و۳۳۶ و۳۴۱ و۳۶۹ و۴۶۸ و۴۹۲ و۵۲۰ .
2.الاستبصار ، ج۴ ، ص۳۰۵ .
3.انظر : مختلف الشيعة ، ج۱ ، ص۳۷۲ ؛ وج۲ ، ص۴۶۰ و۵۴۵ و۵۹۳ و۷۵۸ و۷۶۶ .
4.انظر : المهذّب البارع ، ج۱ ، ص۱۵۴ و۱۵۸ و۲۱۸ و۴۸۳ .