17
المحبّة في الكتاب و السنّة

تربط بين أبنائه ؛ فالإسلام يطمح إلى بناء مجتمع يتآخى فيه الناس ويحبّ بعضهم بعضا إلى درجة الإيثار على النفس ، إذ ما مِن عنصر يُؤثّر كتأثير المحبّة في تنظيم شؤون المجتمع الإنساني المنشود .
إنّ المحبّة هي أشدّ العوامل تأثيرا في تربية الناس الصالحين ، وأفضل وسيلة لتحقيق التطلّعات الثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة ، فقد روي عن النبيّ سليمان عليه السلام أنّه قال : «ما مِن شَيءٍ أحلى مِنَ المَحَبَّةِ»۱ .
إنّ حلاوة المحبّة على درجة يمكن أن يجعل بها مرارات الحياة كلّها حلوة شيّقة ، ويمكن أن يجبربها كثيرا من نقاط الضعف والخلل والمعضلات الفرديّة والاجتماعيّة ، وقد عبّر رسول اللّه صلى الله عليه و آله تعبيرا جميلاً عن أحد جوانبها بقوله : «ما ضاقَ مَجلِسٌ بِمُتَحابَّينِ»۲ .

دين المحبّة

إنّ الإسلام منهج تكامل الإنسان ، و أهمّ عناصر هذا المنهج هي المحبّة ، وللمحبّة تأثير بالغ في تحقيق الخطط التي وضعها الإسلام من أجل تقدّم المجتمع الإنساني ، إلى الحدّ الذي جعل الإمام الباقر عليه السلام يصف الإسلام بأنّه ليس إلاّ المحبّة ، وذلك في قوله عليه السلام : «هَلِ الدّينُ إلاَّ الحُبُّ»۳ .
الاِله الذي يصفه القرآن للنّاس إله رحيم ودود ومحبّ للعباد ۴ ؛ فهو تعالى قد أرسى بناء الشريعة الإسلاميّة ـ التي هي شريعة جميع الأنبياء ـ على أساس محبّته سبحانه ۵ ، وجعل القاعدة الأساسيّة للحكومة الإسلاميّة محبّة الناس للقادة الدينيّين

1.اُنظر ص ۳۷ ح ۳۸ .

2.اُنظر ص ۴۳ ح ۸۶ .

3.اُنظر ص ۱۸۷ ح ۸۶۴ .

4.اُنظر هود : ۹۰ ، البروج : ۱۴ .

5.اُنظر ص ۲۱۷ ح ۹۵۴ / ص ۲۳۱ «تحقيق في مبادى ء محبّة اللّه » .


المحبّة في الكتاب و السنّة
16

والكلف ، والتَقَيُّم ، والعشق ، والجوى ، والدنف ، والشجو ، والشوق ، والخلابة ، والبلابل ، والتباريح ، والسدم ، والغمرات ، والوهل ، والشجن ، واللاعج ، والاكتئاب ، والوصب ، والحُزن ، والكمد ، واللذع ، والحُرَق ، والسُهد ، والأَرَق ، واللهف ، والحنين ، والاستكانة ، والتبالة ، واللوعة ، والفتون ، والجنون ، واللمم ، والخبل ، والرسيس ، والداء المخامر ، والودّ ، والخلّة ، والخِلم ، والغرام ، والهيام ، والتدليه ، والوله ، والتعبّد . وقد ذُكرت له أسماء غير هذه وليست من أسمائه ، وإنّما هي من موجباته وأحكامه فتركنا ذكرها» ۱ .
بل إنّ الكثير ممّا أورده ابن القيّم من أسماء للمحبّة هي في الحقيقة من موجباتها أو من أحكامها ، كما صرّح هو في بيانه لها .
ولقد ورد حول جذور هذه الأسماء وتعريف كلّ واحد منها كلام كثير ۲ لا أرى ضرورة لذكره في هذه المجموعة ، إلاّ أنّ ما يحظى بالأهميّة في هذا المضمار هو تسليط الأضواء على النظرة الإسلاميّة للمحبّة من خلال رؤية عميقة لما أتت به هذه الشريعة الإلهيّة حول هذه الخصلة القيّمة ؛ لتكون بمثابة مدخل ومقدّمة للتأمّل والدقّة اللازمة في الآيات والأحاديث التي ستأتي في مختلف أبواب الكتاب .

المحبّة في الرؤية الإسلاميّة

يرى الإسلام أنّ المحبّة تؤدّي أكبر دور في تنظيم شؤون المجتمع الإنساني المثالي .
ويتّضح بكلّ جلاء من خلال ملاحظة النصوص الواردة في هذا الكتاب أنّ المجتمع الذي ينشده الإسلام هو مجتمع تتبلور اُسسه على أساس المحبّة التي

1.روضة المحبّين : ۳۱ .

2.كتب ابن القيّم حوالي أربعين صفحة حول هذا الموضوع في كتابه «روضة المحبيّن» .

  • نام منبع :
    المحبّة في الكتاب و السنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    التقدیری، محمد
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    سوّم
تعداد بازدید : 51237
صفحه از 456
پرینت  ارسال به