241
المحبّة في الكتاب و السنّة

والسلوك إلى اللّه ، والأساس الذي تنطلق منه هذه الكلمة لبناء الذات هو ذكر اللّه ، فذكر اللّه ينزّه الإنسان من طباعه الحيوانيّة ، وهكذا يتسنّى له تطهير ذاته من الرذائل الأخلاقيّة ، والعثور على ذاته الإنسانيّة ، وهذه الحالة تؤدّي به إلى معرفة اللّه ومحبّته ، لأ نّه «من عرف نفسه فقد عرف ربّه» ۱ .

دور ذكر اللّه في بناء الإنسان

لقد اهتمّت النصوص الإسلاميّة بالحديث تفصيليّا عن دور ذكر اللّه في بناء الإنسان ، نشير هنا إلى ثلاث مجاميع منها على سبيل المثال :
المجموعة الاُولى : الروايات التي أشارت إلى دور ذكر اللّه في مكافحة أمراض القلب وصيانته ، كالروايات التالية المنقولة عن أمير المؤمنين عليه السلام :
«ذِكرُ اللّهِ ، مَطرَدَةُ الشَّيطانِ» .۲
«ذِكرُ اللّهِ ، رَأسُ مَالِ كُلِّ مُؤمِنٍ ورِبحُهُ السَّلامَةُ مِن الشَّيطانِ» .۳
«يا مَنِ اسمُهُ دَواءٌ و ذِكرُهُ شِفاءٌ» .۴

المجموعة الثانية : النصوص التي تبيّن دور ذكر اللّه في طمأنينة القلب وشرح الصدر ، وإنارة القلب والفكر ، وتنمية الحياة والمشاعر الباطنيّة ، والتكامل المعنوي ، من قبيل قوله تعالى : «أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»۵ .

1.غرر الحكم : ۵۱۶۲ ، المناقب للخوارزمي : ۳۷۵ / ۳۹۵ نقلاً عن مائة كلمة للجاحظ عن الإمام علي عليه السلام ، شرح نهج البلاغة : ۲۰ / ۲۹۲ / ۲۳۹ ، الصراط المستقيم : ۱ / ۱۵۶ ، عوالي اللآلي : ۴ / ۱۰۲ / ۱۴۹ .

2.البداية والنهاية : ۱ / ۶۴ ؛ غرر الحكم : ۵۱۶۲ .

3.«ذِكرُ اللّهِ ، دَواء أَعلالِ النُّفُوسِ» . . غرر الحكم : ۵۱۷۱ ، ۵۱۶۹ .

4.مصباح المتهجّد : ۳۶۱ .

5.الرعد : ۲۸ .


المحبّة في الكتاب و السنّة
240

والجواب هو أنّ جذور أمراض القلب ومصدر كلّ الرذائل الأخلاقيّة يكمن في الأنانيّة ؛ ولهذا فليس هنالك من سبيل لاجتثاث حبّ الدنيا من جذوره إلاّ من خلال مكافحة خصلة الأنانيّة ، ولقد خاطب الإمام الخميني رحمه الله ولده قائلاً في هذا المعنى :
«اُوصيك يابنيّ بالانعتاق من قيود الأنانيّة والعجب ؛ فهما إرث الشيطان ، وبهما عصى أمر اللّه حين أمره بالسجود لوليّه وصفيّه ، واعلم أنّ كلّ مصائب بني آدم ناتجة عن هذا الإرث الشيطاني ، وهو أصل اُصول الفتنة ، ولعلّ الآية الشريفة : « وَقَـتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ »۱ تشير في بعض مراحلها إلى الجهاد الأكبر ومحاربة أصل الفتنة وهو الشيطان الأكبر وجنودهُ المتوغّلون في أعماق قلوب النّاس ، حيث يجب على كلّ امرئٍ أن يجاهد من أجل إزالة الفتنة من داخل نفسه ومن خارجها ، وهذا هو الجهاد الذي إن انتصر فيه الإنسان ، يصلح كلّ الناس وكلّ شيء» ۲ .

سرّ بناء الذات

إنّ المجال لا يسع هنا لدراسة منهج علماء الأخلاق في معالجة الأنانيّة والرذائل الأخلاقيّة الاُخرى وتطهير القلب ونقد ذلك المنهج ، ولذا نكتفي ببحث توصيّة مهمّة من كلمات الإمام علي عليه السلام ، حول سرّ بناء الذّات واصلاح القلب ، إذ قال عليه السلام :
«أَصلُ صَلاح القَلبِ اشتِغالُهُ بِذِكرِ اللّهِ» .۳
إنّ هذه الكلمة من غُرر أقوال الإمام عليّ عليه السلام ، بل إنّها تعتبر من معجزاته العلميّة ، فهو عليه السلام يلقّن في هذه الكلمة أدقّ دروس تطهير القلب ، وأفضل مناهج السير

1.الأنفال : ۳۹ .

2.صحيفة النور : ۲۲ / ۳۷۱ و ۳۷۲ .

3.غرر الحكم : ۳۰۸۳ .

  • نام منبع :
    المحبّة في الكتاب و السنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    التقدیری، محمد
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    سوّم
تعداد بازدید : 65498
صفحه از 456
پرینت  ارسال به