والجواب هو أنّ جذور أمراض القلب ومصدر كلّ الرذائل الأخلاقيّة يكمن في الأنانيّة ؛ ولهذا فليس هنالك من سبيل لاجتثاث حبّ الدنيا من جذوره إلاّ من خلال مكافحة خصلة الأنانيّة ، ولقد خاطب الإمام الخميني رحمه الله ولده قائلاً في هذا المعنى :
«اُوصيك يابنيّ بالانعتاق من قيود الأنانيّة والعجب ؛ فهما إرث الشيطان ، وبهما عصى أمر اللّه حين أمره بالسجود لوليّه وصفيّه ، واعلم أنّ كلّ مصائب بني آدم ناتجة عن هذا الإرث الشيطاني ، وهو أصل اُصول الفتنة ، ولعلّ الآية الشريفة : « وَقَـتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ »۱ تشير في بعض مراحلها إلى الجهاد الأكبر ومحاربة أصل الفتنة وهو الشيطان الأكبر وجنودهُ المتوغّلون في أعماق قلوب النّاس ، حيث يجب على كلّ امرئٍ أن يجاهد من أجل إزالة الفتنة من داخل نفسه ومن خارجها ، وهذا هو الجهاد الذي إن انتصر فيه الإنسان ، يصلح كلّ الناس وكلّ شيء» ۲ .
سرّ بناء الذات
إنّ المجال لا يسع هنا لدراسة منهج علماء الأخلاق في معالجة الأنانيّة والرذائل الأخلاقيّة الاُخرى وتطهير القلب ونقد ذلك المنهج ، ولذا نكتفي ببحث توصيّة مهمّة من كلمات الإمام علي عليه السلام ، حول سرّ بناء الذّات واصلاح القلب ، إذ قال عليه السلام :
«أَصلُ صَلاح القَلبِ اشتِغالُهُ بِذِكرِ اللّهِ» .۳
إنّ هذه الكلمة من غُرر أقوال الإمام عليّ عليه السلام ، بل إنّها تعتبر من معجزاته العلميّة ، فهو عليه السلام يلقّن في هذه الكلمة أدقّ دروس تطهير القلب ، وأفضل مناهج السير