245
المحبّة في الكتاب و السنّة

وإن كانَ هَذا مِن ذاكَ ، ولكِن ذِكرُ اللّهِ جَلَّ وَعَزَّ في كُلِّ مَوطِنٍ إذا هَجَمتَ عَلى طاعَةٍ أو عَلَى مَعصِيَةٍ» . 1

أكمل مصاديق الذكر

إنّ الصلاة أكمل مصاديق الذكر ، والآية الكريمة : « أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى »۲ تشير إلى هذا المعنى . فالصلاة إذا اُقيمت بآدابها وشروطها ـ وخاصّة حضور القلب ـ ينجم عنها في الخطوة الاُولى تطهير القلب من كلّ رذيلة وكلّ قبيح ، كما قال الباري تعالى : « إِنَّ الصَّلَوةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَ الْمُنكَرِ »۳ . وإذا زكّى المرء نفسه من لوث الرذائل ، اتّصف بصفة التقوى ، وتقوده في الخطوة الثانية إلى الدنوّ من بساط القرب الإلهي ومعرفته والأُنس به ، كما نقل عن عليّ عليه السلام أنّه قال :
«الصَّلاةُ قُربانُ كُلِّ تَقِيٍّ» .۴
وعلى هذا الأساس ؛ فالصلاة أفضل وسيلة لبناء الذات وبناء مجتمع التوحيد القائم على محبّة اللّه ، وانطلاقا من هذه الرؤية وصفها رسول اللّه صلى الله عليه و آله بأنّها : «خَيرُ مَوضُوع»۵ . وقال الإمام الصادق عليه السلام في وصفه لقيمة الصلاة ودورها في بناء الإنسان :
«ما مِن شَيءٍ بَعدَ المَعرِفَةِ تَعدِلُ هَذِهِ الصَّلاةَ» .۶
فانطلاقا من هذه الرؤية إنّنا نجد الإمام الخميني رحمه الله في وصيّته الأخلاقيّة بعد أن اعتبر الأنانيّة والعجب مصدرا لكلّ الفتن والمصائب التي تحلّ ببني آدم ، والجهاد

1.الكافي : ۲ / ۱۴۵ / ۸ .

2.طه : ۱۴ .

3.العنكبوت : ۴۵ .

4.نهج البلاغة : الحكمة ۱۳۶ .

5.مسند ابن حنبل : ۸ / ۱۳۲ / ۲۱۶۰۸ .

6.الأمالي للطوسي : ۶۹۴ / ۱۴۷۸ عن زرعة ، إرشاد القلوب : ۱۴۵ ، بحار الأنوار : ۲۷ / ۲۰۲ / ۷۱ .


المحبّة في الكتاب و السنّة
244

كتبها جوابا على سؤال عرضه عليه أحد العلماء عن كيفيّة السلوك إلى اللّه ، خمسة وعشرين توجيها ؛ قال في التوجيه الثامن عشر منها :
«أكثِر من الأذكار والدعوات والأوراد التي تساعد على تهذيب النفس ، في أوقات معيّنة وخاصّة بعد الصلوات الواجبة ، وإذا استطاع المرء أن يشغل لسانه أكثر الأوقات بذكر اللّه وإن كانت الجوارح مشغولة بأعمال اُخرى ، فيالها من سعادة . وقد نقل عن الإمام الباقر عليه السلام أن لسانه المبارك كان رطبا بذكر اللّه في أكثر الأوقات بذكر لا إله إلاّ اللّه في أثناء الأكل والكلام والمشي إلى غير ذلك 1 ، فإنّ هذا عون وإسناد قويّ لكلّ سالك ، وإذا اقترن الذكر اللساني بالذكر القلبي ينجم عن ذلك توفيق باهر في زمن قصير ، وعلى الإنسان أن يحاول ما استطاع ذكر اللّه في كل لحظة لكي لا يغفل ؛ إذ إنّ الذكر لا يضاهيه شيء في السلوك ، وهذا بمثابة العون القوي للإنسان من أجل ترك معصية اللّه » 2 .
الثانية : إنّ حقيقة الذكر هي استشعار المثول بين يدي اللّه تعالى ، وهو شعور يدفع الإنسان إلى تحمّل المسؤوليّات الفرديّة والاجتماعيّة . وكلّما ازداد هذا الشعور لدى الإنسان قوّة يتّخذ الذكر لديه طابعا واقعيّا أعمق ، وتتمخّض عنه آثار وبركات أكثر . والدوام على الذكر بهذا المعنى هو أمر عسير جدّا ، قال الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه في هذا المعنى :
«ألا اُخبِرُكَ بِأَشَدِّ مَا فَرَضَ اللّهُ عز و جل عَلى خَلقِهِ [ثَلاثٌ] ؟» ، قُلتُ : «بَلى»؛ قَالَ : «إنصافُ النّاسِ مِن نَفسِكَ ، و مُواساتُكَ أخاكَ ، و ذِكرُ اللّهِ في كُلِّ مَوطِنٍ . أما إنّي لا أقُولُ : سُبحَانَ اللّهِ وَالحَمدُ للّهِِ ، ولا إِلهَ إلاَّ اللّهُ ، وَاللّهُ أكبَرُ ،

1.نص الحديث المروي في الكافي : ۲ / ۴۹۸ هكذا عن الإمام الصادق عليه السلام أ نّه قال : «وكان أبي كثير الذكر ؛ لقد كنت أمشي معه وإنّه ليذكر اللّه ، وآكل معه الطعام وإنّه ليذكر اللّه . ولقد كان يحدِّث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر اللّه . وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول : لا إله إلاّ اللّه » .

2.عشرة رسائل للمحقّق الكبير الفيض الكاشاني ، عنى بنشرها : رسول جعفريان ، مطبعة نشاط ، ۱۹۹۲م .

  • نام منبع :
    المحبّة في الكتاب و السنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    التقدیری، محمد
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    سوّم
تعداد بازدید : 65462
صفحه از 456
پرینت  ارسال به