353
المحبّة في الكتاب و السنّة

ترى ما يريده اللّه ، ولسانه يتكلّم بما يحبّه اللّه ، وهكذا أيضا تعمل سائر جوارحه وفقا لإرادة اللّه ، والأهمّ من كلّ ذلك هو أنّ تفكيره يدرك ما يشاء له اللّه إدراكه ۱ .
وفي مثل هذه الحالة ، يتّخذ الإنسان صبغة خلافة اللّه ، ويصبح مثلاً للّه ؛ وكلّما يريد يتيسّر له بطلب من اللّه وإذنه .

1.اُنظر : ص ۲۸۵ «معنى محبّة اللّه للعبد» .


المحبّة في الكتاب و السنّة
352

قبل ، فرعاية اللّه لها في كلّ لحظة رونق جديد» .

ب ـ خلافة اللّه

إنّ الحكمة من وراء خلق الإنسان هي خلافة اللّه ، كما قال تعالى : «وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً»۱ ، والخليفة لابدّ أن تكون لديه القدرة على النهوض بأعمال مستخلفه ، وقد قيل في هذا المعنى : «العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة» ۲ ، وقد جاء في الحديث القدسي : «عبدي أطعني حتّى أجعلك مثلي» ۳ ، وروي أيضا : «إنّ اللّه تعالى يقول في بعض كتبه : يابن آدم ! أنا حيّ لا أموت ، أطعني في ما أمرتك حتّى أجعلك حيّا لا تموت . يابن آدم ! أنا أقول للشيء : كن فيكون ، أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشيء : كن فيكون» ۴ . إنّ ما يضمن إيصال الإنسان إلى مقام خلافة اللّه هو محبّته تعالى ، كما قال بعض أهل المعرفة ـ ما معناه ـ : «كما أنّ النار إذا سرت في الحديد ، تجد الحديد يفعل ما تفعله النار ، كذلك إذا سرت محبّة اللّه في قلب العبد يصبح قادرا على أن يفعل فعل اللّه بإذن اللّه » .
وكما ورد في أحاديث التقرّب بالنوافل ـ وهي أحاديث نقلها الفريقان ـ أنّ الإنسان يتقرّب إلى اللّه بالنوافل خطوة بعد خطوة إلى أن يصبح خليقا بنيل محبّة اللّه ، وعندئذ يصبح اللّه بالنسبة له بمثابة عينه واُذنه ولسانه ويده ورجله وقلبه ۵ . وبعبارة اُخرى : أنّه يذوب في اللّه ويبلغ مقام الفناء فيه ، ويفقد عندئذ إرادته ؛ فعينه

1.البقرة : ۳۰ .

2.مصباح الشريعة : ۵۳۶ .

3.بحار الأنوار : ۱۰۵ / ۱۶۵ الهامش .

4.بحار الأنوار : ۹۳ / ۳۷۶ / ۱۶ ، تاريخ اليعقوبي : ۱ / ۹۵ .

5.اُنظر : ص ۳۳۵ «استجابة الدّعوات» .

  • نام منبع :
    المحبّة في الكتاب و السنّة
    سایر پدیدآورندگان :
    التقدیری، محمد
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    سوّم
تعداد بازدید : 65375
صفحه از 456
پرینت  ارسال به