السبب الذي جعل النصوص الدينيّة تؤكّد أنّ المحبّة القائمة على اُسس الدين وفي سبيل اللّه هي المحبّة الوحيدة التي يُكتب لها البقاء ، أمّا المحبّة المبنيّة على الأنانيّة والدوافع المصلحيّة فهي تتحوّل عاجلاً أو آجلاً إلى بغضاء : « الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ »۱ .
وفي ضوء ما مرّ ، يتّضح أنّ حكمة الترغيب في المحبّة في اللّه هي أنّها قوام المجتمع الإنساني المنشود وأنّه لا سبيل لتحقّقه إلاّ بها .
فلسفة البغض في اللّه
قد يتبادر هنا إلى الأذهان سؤال مهمّ ، مفاده أنّ الإسلام إذا كان يرنو إلى تشييد صرح مجتمع قائم على المحبّة ، فلماذا يحرّض أتباعه على البغض في اللّه ويحثّهم عليه كحثّه إيّاهم على المحبّة في اللّه ، معتبرا إياه أفضل الأعمال وأوثق عرى الإيمان ؟ ! وفضلاً عن ذلك ؛ ما الضرورة لبغض الآخرين بدلاً من محبّتهم ؟ ثمّ هل يحلّ البغض شيئا من المعضلات الاجتماعيّة ؟ وهل بإمكانه أن يضع حلاًّ لواحدة منها ؟ وبعبارة اُخرى : ما حكمة البغض في اللّه ؟
معنى البغض في اللّه
ولغرض معرفة الحكمة الكامنة وراء مبدأ البغض في اللّه ، يجب ابتداءً معرفة معنى هذا التعبير ، ولو تمّ بيانه على النحو الصحيح ، لا تبقى بعدئذٍ ثمّة ضرورة لبيان الحكمة منه .
إنّ البغض في اللّه معناه أنّ المُبْغِض ليس لديه عداء شخصيّ مع المبغوض ، وليس هناك مصلحة شخصيّة في عدائه له ، وإنّما يبغضه ويعاديه للّه وليس لذاته ،