على هذا المنوال يبدو هناك بَوْنٌ شاسع بين البغض في اللّه ، والبغض الشخصيّ .
إنّ البغض الشخصيّ المنبعث عن المصالح الفرديّة والفئويّة هو مصدر جميع المفاسد والفتن ، أمّا البغض في اللّه فهو كالحبّ في اللّه مبدأ لأنواع الخيرات والبركات والبناء الفردي والاجتماعي . بعبارة اُخرى : إنّ البغض في اللّه يستهدف ضمان مصالح الشعب ؛ لأنّ عداء ابن آدم لربّه لا يمكن أن ينفعه لأ نّه غنّي مطلق ، وإنّما الإنسان والمجتمع الإنسانيّ هما اللذان يجنيان الفائدة من الحبّ والبغض في اللّه .
من الطبيعي أنّ محبّة من لا يرحمون المجتمع ظاهرة بالغة الخطورة . وقد أشار الإمام عليّ عليه السلام إلى هذا المعنى بقوله : «رحمة من لا يرحم تمنع الرحمة ، واستبقاء من لا يُبقي يُهلك الاُمّة» ۱ . ولا شكّ في أنّ محبّة المجتمع الإنساني تقتضي معاداة أمثال هذه العناصر الخطيرة ، وقطع أيديهم عن الاعتداء على حرمة الإنسانيّة .
على هذا الأساس ؛ فإنّ حكمة البغض في اللّه تكمن في مكافحة جميع المعوّقات الحائلة دون ازدهار القيم الإنسانيّة ، وتطهير المجتمع من العناصر المضادّة للفضائل والقيم ، وهذه المكافحة لا تقلّ أهميّة عن السعي في سبيل بناء المجتمع على اُسس المحبّة ، بل وتعتبر أيضا كجزء من ذلك المسعى .
للبغض جذور في الحبّ
وفضلاً عمّا ورد ذكره في حكمة البغض في اللّه ، فإنّ للبغض جذورا في المحبّة ، والحبّ الحقيقيّ مقرون على الدوام بالبغض ، وإذا أحبّ الإنسان شيئا يعتريه النفور تلقائيّا من كلّ ما يعاكسه ، ومن غير الممكن أن يحبّ المرءُ أحدا حبّا حقيقيّا ولا