115
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَ لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ » 1 أي لا يعلمون عظمة اللّه وقدرته ، فخوفهم من الناس أعظم من خوفهم من اللّه ، فلا يخشون اللّه حقَّ خشيته 2 و « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ » 3 وغيرهم يخشى الناس بخشية اللّه أو أشدّ خشية .
ثمّ ذكر أنّهم لخوفهم معكم « لاَ يُقَـتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرِ » بسبب أنّ اللّه ألقى في قلوبهم 4 الرعب منكم ، وتأييدُ اللّه ونصره معكم «بِأَسُهُمْ بَيْنَهُم» فيما بينهم ، أو بينهم وبين المؤمنين « شَدِيدُ » الأوّل أولى ؛ لعدم الإضمار ، ولدلالة قوله: « تَحْسَبُهُمْ » مجتمعين صورةً على الاُلفة والمحبّة لكن قلوبهم متفرّقة ، لأنّ كلامهم على مذهب آخر وبينهم عداوة شديدة لأغراضهم الدنيويّة، وفيه تشجيع للمؤمنين على قتالهم «ذَ لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ» 5 حظوظَ أنفسهم وما فيه صلاح ما لهم في الدنيا ، فكيف صلاح ما لهم في الآخرة ؛ إذ ليسوا من أهل العقل وإلاّ يعلموا رشدهم وهداهم فآمنوا ، فإذ لم يؤمنوا باللّه ورسوله مع وضوح الأمر فهم السفهاء الحمقى ، فلا خوف منهم .

قال عليه السلام : وقال :« تنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب ». [ ص۱۵ ح۱۲ ]
أقول : صدر الآية « أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ »۶ والهمزة للتحذير مع التفريع والتعجّب من حالهم .
قيل : نزلت في جماعة من الناس كانوا يأمرون الناس بطاعة اللّه وهم كانوا يتركونها ويقدّمون على المعاصي ۷ .

1.الحشر (۵۹) : ۱۴ .

2.الحشر (۵۹) : ۱۳ .

3.جوامع الجامع ، ج۳ ، ص۵۳۷ ؛ تفسير الرازي ، ج۲۹ ، ص۲۸۹ ؛ الصافي ، ج۵ ، ص۱۵۸ .

4.فاطر (۳۵) : ۲۸ .

5.في المخطوطة : «قلوبكم » .

6.البقرة (۲) : ۴۴ .

7.تفسير ابن أبي حاتم ، ج۱ ، ص۱۰۱ ، ح۴۷۸ ؛ تفسير الرازي ، ج۳ ، ص۴۶ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
114

الْكَلْبِ » 1 وقوله : « كَمَثَلِ الْحِمَارِ » 2 وما يجري هذا المجرى ، والمراد بذلك مسخ الباطن ، فالاستعمال على الحقيقة لا التشبيه في بعض الصفات كما زعمه الأكثرون .

قال عليه السلام : قال : « لاَ يُقَـتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرِ » 3 . ص15 [ ح12 ]
أقول : ذكر اللّه تعالى في هذه الآية من ذمائم الكفرة ثلاثة اُمور : الجبن عن الحرب، والبأس الشديد بينهم ، وتشتّت قلوبهم . وعلّل الجميع أو الأخير بعدم العقل والمعرفة ؛ فإنّ العاقل التامَّ العقل شجاع لا يتّقي الموت ؛ لعلمه بأنّ الموت على الفضيلة خير من الحياة على الرذيلة . والعاقل لا بأس له ولا خوف عن أحد غير اللّه حيث يعلم أنّ الكلّ بقضائه وقدره، فيتوكّل عليه ؛ لعلمه بأنّ : « وَ مَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَــلِغُ أَمْرِهِ » 4 ، والعاقل لا يخالف عاقلاً آخر ، فلا تفترق قلوبهم ؛ لأنّ طريقتهم واحدة ، ودينهم دين التوحيد ، ولهذا قيل : « العقل فنّ واحد ، والجنون فنون » 5 .
وأيضاً عالمهم عالم العقل ، وفيه صورة الوجوه ، وهذا العالم عالم وعالم غير بين الجهّال والأراذل عالم الجسم ؛ لاستغراق نفوسهم في أبدانهم ، وهذا العالم عالم التفرقة والانقسام ، فلا جرم قلوبهم متشتّة متفرّقة ، وقلوب العقلاء مجتمعة كما في قوله عليه السلام : « المؤمنون يد واحدة على من سواهم » . 6
ومعنى الآية حكاية أحوال اليهود والمنافقين ذكر أوّلاً قوله : « لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى

1.الأعراف (۷) : ۱۷۶ .

2.الجمعة (۶۲) : ۵ .

3.الحشر (۵۹) : ۱۴ .

4.الطلاق (۶۵) : ۳ .

5.راجع : شرح المازندراني ، ج ۱ ، ص ۱۲۹ ؛ نهج السعادة ، ج۷ ، ص۲۶۳ .

6.المصنّف ، لعبد الرزّاق ، ج۱۰ ، ص۹۹ ، ح۱۸۵۰۷ ؛ مختلف الشيعة ، ج۴ ، ص۳۹۵ ؛ بحار الأنوار ، ج۶۱ ، ص۱۵۰ ، ح۲۹ كلها عن النبي صلى الله عليه و آله .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 37808
صفحه از 476
پرینت  ارسال به