349
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

ثمّ بما قرّرنا قد لاح سرّ ما ذكره بقوله : «فبعلمه كانت المشيّة...» إلى آخره .
وقوله : «والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء» إشارة إلى أنّ الموجودات الكيانيّة المتعاقبة الكينونيّة واقع عليها أنفسها أيضاً إلى الثابت الصرف والقدّوس الحقّ الصادرة عنه دفعةً واحدة غير زمانيّة بحسب متن الواقع واُفق الدهر ، فلا استقبال هنالك ولابداء على ما قال : «فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء».
وقوله : «في المنشأ قبل عينه» أي وجود[ه] العيني الخارجي «والإرادة في المراد قبل قيامه» أي العيني الدهري أو الزماني .
وقوله : «والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها» أي تقديرها الدهري ، ونسبتها إلى جنابه القدّوسي قبل وجوداتها الزمانّية بما هي زمانيّة مرهونة بأزمنة متعاقبة ، وبما هي متواصلة «عياناً» أي خارجاً و«وقتاً» أي زمانا.
وبالجملة ، إنّ المُفصّل والمُجْمَل كالحدّ والمحدود تارة يصحّ الانتقال من الأوّل إلى الثاني ، وتارة من الثاني إلى الأوّل ، ويختلف حكمهما بجريان البداء وعدمه فيهما .
ثمّ إنّ المراد بقوله : «ذوات الأجسام» النفوس المجرّدة فلكيّة كانت أو عنصريّة حيث إنّها متعلّقة الوجود بالموجودات الهيولانيّة ، وهذا هو القدر ، فالإضافة فيها لاميّة ، ويحتمل أن تكون بيانيّة ، فذوات الأجسام هي الأجسام والقضاء العينيّان وإن كانت لهما مراتب عديدة بوجودهما العلميّ الإجمالي والتفصيلي في القلم واللوح وكتاب المحو والإثبات من النفوس المنطبعة الفلكيّة المنتقشة بالنقوش على ما نبّه عليه بقوله : « وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلّهم عليها » .
هذا ممّا سنح لى في حلّ هذا المقام ، والعلم عند اللّه الملك المنّان .
وبالجملة ، إنّ التغيّر ما هو والمستوجب للامتداد وما ليس في شبكة الهيولى وشركة الطبيعة وفي مسيجيء ۱ الجهات والأبعاد لا يكون موضوعاً للتغيّر لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في لوازم ذاته وصفاته ، ولا في الإضافات العارضة لذاته من جهة ما

1.كذا .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
348

فإذن إذا كانت أسماؤه التمجيديّة على هذه الشاكلة ، فإذا نصونا ۱ بحسب وسعنا ومُنّتنا ، فلا يبعد أن يكون بين معانيها المتصوّرة لنا ترتّب وسببيّة ومسبّبيّة على ما قال عليه السلام : «علم وشاء» .
والمشيّة بمعنى الإرادة ولو بالعرض ، فيشمل الإرادة بالذات ، فذكرها بعد ذكره من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ ، وهو يكون بالعلم كما قال : «وأراد ».
وامّا البداء ، فقد عبّر عنه بقَدَر حيث قال الصدوق في كتابه معاني الأخبار : حدّثنا أبي رحمه اللهقال : حدّثنا سعد بن عبداللّه ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : « شاء وأراد ولم يحبّ ولم يرض» قلت : كيف ؟ قال : «شاء أن لا يكون شيء إلاّ بعلمه ، وأراد مثل ذلك ، ولم يحبّ أن يقال له : ثالثُ ثلاثةٍ ، ولم يرض لعباده الكفر » ۲ .
وأمّا البداء فقد عبّر عنه لابقدر ۳ حيث قال وقدّر ، وهو في امتداد الزمان الذي هو اُفق التقضّي والتجدّد وظرف السبق واللحوق والتدريج والتعاقب ، وبالنسبة إلى الكائنات الزمانيّة والهويّات الهيولانيّة .
وبالجملة ، بالنسبة إلى من في عالمي المكان والزمان ومن في عوالم المادّة وأقاليم الطبيعة كما تقدّم .
ثمّ قال بعد ذلك : «وقضا» وهو أخذها بالنسبة إلى جناب القدّوس الحقّ ، وهو دهر على ما نبّه عليه بقوله : «وأمضا» ، وهو قضاء مبرم ، فلا تجدّد حينئذٍ لتلك الموجودات الكائنة حيث لا وجود استقبالي هنالك ، ثمّ فصّل ذلك بقوله : «فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدّر» حيث لوحظ تارةً تلك الموجودات الكيانيّة بما هي كيانيّة زمانيّة ، وتارة بما هي موجودات دهريّة ، فعلى الأوّل يكون قَدَرا ، وعلى الثاني قضاءً قد مضى ، فيكون قضاء وقدرا قد مضى على الأوّل ولا بداء ، وعلى الثاني فيه البداء من دون أن يكون قد مضى .

1.كذا . ولعلّه : «تصوّرنا» .

2.معاني الأخبار ، ص ۱۷۰ .

3.كذا . والظاهر زيادة «لا » .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 37058
صفحه از 476
پرینت  ارسال به