399
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

ظنّا . وإذا استعمل البيان مع الصلة كما في ثالث الباب في قوله : «بيّنّا لهم» كان بمعنى التعريف ، والمراد بلزوم الحجّة أنّ الحجّة لا يلزم إلاّ بالبيان والتعريف كما في أوّل الباب .
ومن الجائز أن يكون المراد محض أنّ اللّه تعالى حجّة لازمة كما يجيء في خامس الباب .
قال عليه السلام : احتجّ على الناس . [ ص۱۶۳ ح۱ ]
أقول : كقوله تعالى في سورة طه : « كَذَ لِكَ أَتَتْكَ ءَايَـتُنَا فَنَسِيتَهَا »۱ ، وفي سورة الملك : « أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ »۲ فما آتاهم وعرّفهم بحذف المفعول الثاني فيهما ، وهو العائد إلى الموصول ، أي آتاهم إيّاه وعرّفهم إيّاه . يقال : آتى زيد فلانا شيئاً على أفعل أي أعطى ، وأتى زيد أي جاء أي أتاهم وعرّفهم ۳
. ومعنى إتيانه الإقدار عليه ، ومعنى التعريف كما قد مضى .
والمقصود أنّه لو لا الإيتاء والتعريف ، لكانت الحجّة داحضة تعالى عن ذلك .
وهذا ردّ على الأشاعرة من تجويزهم التكليف من غير طاقة ، ومن قولهم : «الوجوب عندنا ثابت شرعاً ۴ نظر أم لم ينظر ثبت الشرع أو لم يثبت لأنّ تحقّق الوجوب لا يتوقّف على العلم به ، وإلاّ لزم الدور ، وليس ذلك من تكليف الغافل في شيء ؛ فإنّه يفهم التكليف وإن لم يصدق به» ۵ . انتهى .
وأرادوا بالدور ما يشبهه في الاستحالة ، لعدم توقّف العلم على المعلوم بل هو تابع له.
ودليلهم على ذلك عليل ؛ لأنّ عدم توقّف الوجوب على العلم به لا ينافي توقّفه

1.طه (۲۰) : ۱۲۶ .

2.الملك (۶۷) : ۸ .

3.انظر : الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۶۲ ( أتا ) .

4.في المصدر : «بالشرع» .

5.الفوائد المدنية ، ص۴۰۷ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
398

أقول : كما في قوله تعالى في سورة الأنفال : « وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ »۱ اُقيم الفعل مقام المصدر كما في قولهم : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ۲ ، والمعنى : لا أقول هذا اللفظ بهذا المعنى استعملت أنت فيه .
قال : عن الاستطاعة . [ ص۱۶۲ ح۴ ]
أقول : لعلّ المراد بها التمكّن كما في إطلاقات اللغويين . وقوله : «فلم يجبني» لعلّ ذلك من حيث إنّه يشمّ رائحة كون اعتقاد السائل يوافق الحقّ .
قال عليه السلام : ما كان في قلبك . [ ص۱۶۲ ح۴ ]
أقول : حيث إنّه اشتباه لفظي حيث إنّ المفوِّضة يطلقون الاستطاعة على ما لا يتعلّق بطرفي الفعل والترك ، وأصحابنا على جواز تعلّقها بهما ردّاً على هؤلاء ، وصار ذلك باعثاً على الاشتباة على السائل .

باب البيان والتعريف ولزوم الحجّة

قال : باب البيان والتعريف . [ ص۱۶۲ ]
أقول : المقصود من هذا الباب ذكر أنّ الأحكام الشرعيّة والاُصوليّة والفروعيّة توقيفيّة لا يمكن معرفة شيء منها إلاّ ببيانه وتعريفه تعالى ، وحجّته يوم القيامة على المعاصي لازمة بذلك .
والمراد بالبيان توضيحه تعالى الأحكام كما هي لرسوله صلى الله عليه و آله في القرآن فإنّ فيه البيان ، وهو تبيان كلّ شيء ، ثمّ توضيحه عليه السلام لأهل بيته فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض .
والمراد بالتعريف توضيح الأحكام الواصليّة في حقّ كلّ مكلّف به معذّب على عدم العمل به لذلك المكلّف بالتوقيف ، بحيث يعلم المكلّف أنّه مكلّف بذلك علما أو

1.الأنفال (۸) : ۵۰ .

2.انظر : لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۰۷ (معد) .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 35916
صفحه از 476
پرینت  ارسال به