405
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

أن لا يخلقه عقيبه على طريق خلاف العادة ، وهم فرقتان :
إحداهما : من يقول : إنّه بمحض قدرته تعالى من غير أن يكون لقدرة العبد مدخل فيه، ويقولون : إنّ قدرته إنّما هي على إحضار المتقدّمتين وملاحظة النتيجة فيهما بالقوّة .
وثانيتهما : من جعله كسباً مقدورا له ۱ .
وقالت المعتزلة ما قلناه آنفاً .
وقال الحكماء وكثير من محقّقي المتكلّمين ، منهم خاتم المحصّلين في التجريد : إنّ فاعل النتيجة وموجدها أمر خارج عن النفس والنظر معدّ لصدورها عنه ۲ .
والحاصل أنّ الأشاعرة يقولون : إنّ اللّه يخلق العلوم النظريّة في ذات العالم على ما جرت به عادتة ، والمعتزلة يقولون : إنّ النظر يولّدها . وأمّا الأوائل ، فقالوا : كما أنّ الحسن سبب معه لحصول العلوم النظريّة البديهيّة كذلك العلوم البديهيّة أسباب معدّة لحصول العلوم.
أمّا في التصوّرات ، فبالاقتران الحدّي أو الرسمي .
وأمّا في التصديقات ، فبالاقتران القياسي أو الاستغرائي ، والسبب الفاعل في الجميع هو المبدأ الأوّل والعقول الفعّالة المجرّدة عن شوائب القوّة والإمكان .
واختار ذلك المحقّق في التجريد هذا المذهب بقوله : ولابدّ فيه ـ أي في العلم ـ من الاستعداد ، أمّا الضروري فبالحواسّ ، وأمّا الكسبي فبالاُولى أي العلوم البديهيّة ۳ .
فإذا تقرّر هذا فنقول : إنّ ما في هذا الخبر من المعرفة وما يشمل البديهيّات والنظريّات، التصوّرات والتصديقات ، وهي ليست فعل العبد بل فعله تعالى وإن كانت حواسّه في الاُولى ـ أي العلوم الإحساسيّة في البديهيّات ـ واقترانُ الحدود أو الرسوم

1.راجع شرح المقاصد ، ج۱ ، ص۳۴ ـ ۳۵ .

2.راجع : كشف المراد ، ص۳۳۳ ـ ۳۳۹ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
404

أقول : أي يعترف بأنّه نعمة من اللّه ساقه إليها ، ولو شاء لذهب بها ، فلابدّ أن يقيم بشكرها وحقوقها كإرشاد المسترشدين وإعانة الضعفاء والمساكين والترحّم عليهم .
قال عليه السلام : وأن لا يتطاول . [ ص۱۶۴ ح۶ ]
أقول : أي أن لا ينظم ۱ نظر إهانة ، ولا يفتخر . وأصله طلب الطَوْل والزيادة كالاستطالة .
قال عليه السلام : فيمنع . [ ص۱۶۴ ح۶ ]
أقول : أي التطاول سبب لأن يمنع حقوق الضعفاء هي إكرام مؤمنهم وزيادتهم وعيادة مرضاهم ونحو ذلك من إرشاد صالحهم ، وإدراك ليفهم ۲
.

[ باب اختلاف الحجّة على عباده ]

قال عليه السلام : صنعٌ : المعرفةُ . [ ص۱۶۴ ح۱ ]
أقول : المعرفة سواء كانت بديهيّة أو نظريّة ، تصوريّة أو تصديقيّة ردّاً على المعتزلة حيث ذهبوا إلى حصولها إنّما هو يحلق العبد بطريق التوليد الذي هو إيجاب فعل وأثر لفاعله فعلاً آخر كحركة اليد الموجبة لأن يصدر عن الفاعل كحركة المفتاح .
ثمّ إنّ المعرفة التصوّريّة فعل العبد حاصله من اقتران الحدّ والرسم اللذين هما أيضاً فعله ، والمعرفة التصديقيّة فبالقياس الاقتراني والاستثنائي ، فهاتان المعرفتان تتولّدان منهما فتكونان مخلوقتين للعباد ، ثمّ جدير بنا لو فصّلنا المذاهب بأسرها ثمّ نشير إلى ما هو المراد في هذا الخبر ، فنقول :
اختلفت العقلاء في كيفيّة حصولها ، قالت الأشاعرة ـ بناءً على قاعدة أن «لا مؤثّر في الوجود إلاّ اللّه » وأنّ «فعله تعالى لا يتوقّف على أمر آخر سوى قدرته وإرادته»ـ : إنّ حدوث النظريّات عقيب ملاحظة البديهيّات المترتّبة إنّما هو بطريق جري العادة التي هي تكرّر صدور الفعل عن الفاعل تكراراً دائميّاً من دون أن يجب عليه ذلك ، وجواز

1.كذا . والظاهر : «لا ينظر» .

2.كذا . والأنسب : «ضعيفهم».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 24917
صفحه از 476
پرینت  ارسال به