407
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

العلم بأنّه لا يعلمه .
وعلى التقديرين لا يكون فعلاً اختيارياً للعبد وإن كان فائضاً من صنع فاعله بحسب كون سوء استعداده معدّا لفيضانه عليه ، أمّا الأوّل فلكونه عدم المعرفة ، فلمّا لم يكن المعرفة فعلاً اختيارياً للعبد ، فكذلك عدمه ليس كذلك ، ونسبة الجهل إلى المعرفة تشبه بوجهٍ مّا نسبة الموت إلى الحياة ؛ لأنّه زوالها عمّا يتّصف هو بها بالفعل ؛ إذ الزوال إنّما هو العدم بعد الوجود فيكون عدميّاً .
قال اللّه تعالى : « خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَيَوةَ »۱ ذكر العلاّمة الحلّي في كتابه مناهج اليقين:
إنّ وجود الحياة من اللّه تعالى ، وهو غير مقدور لنا . واستدلّ عليه أبو هاشم بأنّه لو قدرنا عليها لقدرنا على الموت ، والتالي باطل فالمقدّم مثله .
بيان الشرطيّة : أنّ القادر هو الذي يقدر على الشيء وعلى جنس ضدّه ، والموت ضدّ الحياة ، وأمّا بطلان التالي فظاهر ؛ فإنّه يتعذّر علينا موت زيد مع صحّة اتّصاف زيد به .
وهذه الحجّة عندي ساقطة لأنّها مبنيّة على ضدّ الموت للحياة ، وعلى أنّ القادر على أحد الضدّين يجب أن يكون قادراً على الآخر . والسيّد المرتضى شكّ في ذلك من حيث العقل ، وجزم بعدم القدرة من حيث السمع . انتهى .
ثمّ لا يخفى جواز أن يكون المراد من الخلق التقدير أو لات حدوثه على حذف المضاف . وقد يقال : «إنّ الاُمور العامّة قد تحدث أي يتّصف المحلّ بها بعد أن لم يكن متّصفا بها كالعمى فلا خير لو اُريد إحداث نفس الموت ولعلّ هذا الذي لم يتفطّن بأنّ المخلوق يجب أن يكون مقدوراً ولا قدرة له على انعدام أثره ؛ إذ ذاك إنّما يعلّل بعدم

1.الملك (۶۷) : ۲ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
406

في التصوّرات النظريّة والأقيسة الإقترانيّة والاستثنائيّة في التصديقات معدّاتٍ فيضانها عن اللّه تعالى في العباد .
وإنّما قلنا : إنّها معدّات لوقوع الأمر بالنظر في العباد في خلق السماوات والأرض على ما في الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة .
ثمّ اعلم أنّ هاهنا مذهبا آخر اختاره الفاضل الرازي ، وذكر الغزالي أنّه هو المذهب عن أصحابنا ، وهو أنّ النظر يستلزم العلم بالنتيجة بالوجوب الذي لابدّ منه لا بطريق التوليد . وصرّح بذكر الوجوب لئلاّ يتوهّم أنّ هذا الإستلزام [...] ۱ واستدل عليه بأنّ من علم أنّ العالم متغيّر وكلّ متغيّر حادث فمع حصول هذين العلمين امتنع أن لا يعلم أنّ العالم هو الحادث والعلم به ضروري ، وكذا في جميع اللوازم مع الملزومات ۲ .
وهذا المذهب باطل أيضاً كما اقتضاه ما في هذا الخبر ، فقد بان أنّ المعرفة من فعله تعالى ، وأمّا الجهل فلأنّه قسمان : انتفاء العلم والاعتقاد عمّا من شأنه أن يكون له ، فيقابل المعرفة تقابُلَ الملكة والعدم .
ويسمّى جهلاً بسيطاً ، إذ ليس له جزء .
وثانيهما : اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه اعتقاداً جازما مستنداً إلى شبهة أو تقليد أو غيرهما ، وذلك على أن يكون كلّ من هذه معدّ[ا] لحصوله ، وهو قسم من الاعتقاد المطلق الشامل للصوادق والكواذب من الإعتقادات ومضادّ للمعرفة لأنّهما وجوديّان ليس تعقّل أحدهما بالقياس إلى الآخر ، ولا يجتمعان في محلّ واحد من جهة واحدة .
ويسمّى هذا النوع من الاعتقاد : الجهل المركّب ، لتركّبه من جهلين : أحدهما : التصديق بوقوع أمر ليس له هذا ، والثاني : التصديق بأنّ ما اعتقده امتنع أن لا يكون على وجه اعتقده . وهذا أولى ممّا يقال في توجيه تركّبه من أنّه عدم العلم بالواقع ، وعدم

1.كلمة مطموسة في المخطوطة .

2.راجع : شرح المقاصد ، ج۱ ، ص۳۵ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 24915
صفحه از 476
پرینت  ارسال به