415
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ » 1 ؛ « فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلاْءِسْلَـمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا » 2 ؛ « مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِى وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَـسِرُونَ » 3 ؛ « إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِى مَن تَشَآءُ » 4 ؛ « يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَ يَهْدِى بِهِ كَثِيرًا » 5 ؛ « خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ » 6 ؛ « بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ » 7 ؛ « وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ » 8 ؛ « وَيَمُدُّهُمْ فِى طُغْيَـنِهِمْ يَعْمَهُونَ » 9
فذهبت الأشاعرة إلى أنّ معناها هو خلق الإهتداء والضلال [و] الطبع والختم ، وذلك لذهابهم إلى أنّه تعالى هو الخالق ، وليس للممكنات خالق سواه فعدّ نسبة كلّ ممكن إليه نسبة المخلوق إلى خالقه ، ونسبته إليها نسبة الخالق إلى المخلوق ، وإنّما عبّر عن خلقها بها.
وأمّا المعتزلة ، فقد ذهب بعضهم ـ ومنهم الكعبي ـ إلى أنّ الهداية هي الدلالة الموصلة إلى البغية ، أو الإرشاد إلى طريق الحقّ ، وبيانُه بنصب الأدلّة ، ومنح الألطاف ، أو الإرشاد في الآخرة إلى طريق الجنّة ، والإضلال وغيره من الختم والطبع والأفعال بمعنى الإهلاك والتعذيب .
ثمّ إنّ خاتم المحصّلين في التجريد أشار إليه بقوله: والإضلال إشارة إلى خلاف الحقّ وفعل الضلالة والإهلاك ، والهدى مقابل له ، والأوّلان لقبحهما

1.القصص (۲۸) : ۵۶ .

2.الأنعام (۶) : ۱۲۵ .

3.الأعراف (۷) : ۱۷۸ .

4.الأعراف (۷) : ۱۵۵ .

5.البقرة (۲) : ۲۶ .

6.البقرة (۲) : ۷ .

7.النساء (۴) : ۱۵۵ .

8.الأنعام (۶) : ۲۵ .

9.البقرة (۲) : ۱۵ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
414

تفصيله : أنّ الهدى قد يكون لازماً ، وهو حينئذٍ بمعنى الاهتداء الذي هو وجدان طريق توصل إلى المطلوب ، ويقابله الضلال الذي هو فقدان طريق يوصل إلى المطلوب .
وقد يكون متعدّياً ، ومعناه حينئذٍ الدلالة على طريق الحقّ ، والإشارة إليه ، ويقابله الإضلال الذي هو الدلالة على خلافه ، مثل «ضلّني فلان عن الطريق» .
وقد يستعمل في الدعوة إلى الحقّ كقوله تعالى : « إِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ » 1 وقوله تعالى : « وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـهُمْ ـ أي دعوناهم ـ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى » 2 أي على الاهتداء ، أو بمعنى الإبانة كقوله في حقّ المهاجرين والأنصار: « سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بَالَهُمْ » 3 .
وقيل : معناه الإرشاد في الآخرة إلى طريق الجنّة 4 ، ويستعمل الإضلال في معنى الإضاعة والإهلاك كقوله تعالى : « فَلَن يُضِلَّ أَعْمَــلَهُمْ » 5 ، ومنه : « أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى الْأَرْضِ » 6 أي هلكنا . وقد يسندان مجازاً إلى الأسباب كقوله تعالى : « إِنَّ هَـذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ » 7 وقوله تعالى : « رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا » 8 وإنّ هذه معانٍ ليس فيها نزاع كثير ، إنّما النزاع في آيات وأحاديث مشتملين على نسبة الهداية والإضلال والطبع والختم على قلوب الكَفَرة إلى اللّه تعالى كقوله : « وَ اللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى دَارِ السَّلَـمِ وَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَ طٍ مُّسْتَقِيمٍ » 9 ؛ « إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَـكِن

1.الشورى (۴۲) : ۵۲ .

2.فصّلت (۴۱) : ۱۷ .

3.محمّد (۴۷) : ۵ .

4.راجع : تفسير الرازي ، ج۱۷ ، ص۹۰ ـ ۹۱ .

5.محمّد (۴۷) : ۴ .

6.السجدة (۳۲) : ۱۰ .

7.الإسراء (۱۷) : ۹ .

8.ابراهيم (۱۴) : ۳۶ .

9.يونس (۱۰) : ۲۵ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 35936
صفحه از 476
پرینت  ارسال به