على الثاني ،إذ ما لم يعلم شرح الاسم والمفهوم لا يمكن إثبات وجوده وصفاته الجماليّة والجلاليّة .
ثمّ ذِكْرُ وحدته تعالى يشعر بأنّها معتبرة فيها لا في غيرها .
قال عليه السلام : وتصريف الرياح . [ ص۷۹ ح۳ ]
أقول : الرياح جمع الريح ۱ جمعَ الكثرة . وقد علمتَ وجه إعلاله وانقلاب الواو فيهما ۲ ياءً ؛ فاعلم ماهيّته و دلائل الحكمة فيها .
أمّا الأوّل ، فلأنّها الهواء اللطيف المحبوس بين مقعّر الأثير أو السماء ، وبين محدّب الأرض ، ويدرَك بحسّ اللمس عند هبوب جسمِه ، ولا يُرى شخصه .
وبالجملة ، إنّ الريح هو الهواء عند هبوبه .
ثمّ إنّ جملته مثل البحر الواحد والطيورِ محلّقة في جوّ الهواء ، سبّاحةً فيها بأجنحتها كما يسبح حيوانات البحر في الماء ، وتضطرب جوانبه وأمواجه عند هبوب الرياح كما يضطرب أمواج البحر ، فإذا حرّك الهواءَ وجعل ، ريحاً هابّة ، فإن شاء جعله بُشراً بين يدي رحمته كما قال «وَ أَرْسَلْنَا الرِّيَـحَ لَوَ قِحَ»۳ فيصل بحركته روح الحيوان إلى جسميّة الحيوان والنبات ، فيستعدّ للحياة ، وإن شاء جعله عذاباً على الكَفَرة والعُصاة كما قال ـ تعالى مجده ـ : « إِنَّـآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ * تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ »۴ .
ثمّ إنّه سبحانه يهيج الرياح كيف يشاء بأمره الملائكة الهواء ۵ بتوسّط أمر الملائكة السماء .
وأمّا منافعها :