الحكمة الإلهيّة .
وأمّا قوله: « لَأَيَـتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ »۱ فالمراد أنّ في كلّ من المذكورات آياتٍ كثيرةً ، والدليل عليه من وجوه :
أحدها : أنّ كلّ واحدة من هذه الاُمور الثمانيّة يدلّ على وجود الصانع من وجوه من حيث وجودها على وجود صانعها ، ومن حيث حدوثها في وقت دون وقت على إرادته وعلمه بالجزئيّات ، ومن حيث منافعها على إتقان حكمته وصنعه ، ومن ارتباط بعضها ببعض على وجه الانتظام والتعاون على وحدانيّته .
قال عليه السلام : يا هشام ! قد جعل . [ ص۱۳ ح۱۲ ]
أقول : شروع في تفصيل ما علم على الإجمال . وأمّا تسخير الليل والنهار بعد ما علمت من اختلافهما على الصانع ۲ ، وأمّا هاهنا فباعتبار التسخير ؛ لكونهما أجزاءً للزمان المتّصل الواحد ، والزمان مقدار حركة دورة غير مستقيمة ، فالحافظ للزمان لابدّ أن يكون جسماً إبداعيّاً كريماً ، وهو الجرم الفلك الأقصى ، فدلّ وجودهما على السماء ، وعلى خالق الأشياء تعالى .
ثمّ إنّ كون الشمس والقمر مسخّرات تفصيلُ قوله هناك : «إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَـوَ تِ»۳ ، فإنّ الكواكب من جملتها .
ثمّ إنّه لو لم يكن للشمس طلوع ، لانجمدت المياه ، وغلبت البرودة والكثافة ، وهو يقتضي إلى خمود الحرارة الغريزيّة ، ولو لم يكن لها اُفول وغروب لحميت الأرض حتّى تحرق كلَّ من عليها من إنسان وحيوان ، فهي بمنزلة سراج واحد يوضع لأهل كلّ بيت بمقدار حاجتهم ، ثمّ يرفع عنهم ليستقرّوا ويستريحوا ، فصار النور والظلمة على تضادّهما متظاهرين على ما فيه صلاح قُطّان الأرض .