87
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

فَيَكُونُ » 1 ، فإنّ العقل من عالم الأمر وعالم القضاء ، وكلّ ما هو كذلك فوجوده بمجرّد كلمة « كن » وهي الأمر التكويني لا افتقار لها إلى مادّة بل نفس وجوده نفس الكلمة كما قال تعالى : « وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَآ إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ » 2 وقوله : « إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ » 3 أي الأرواح المجرّدة الإنسانيّة .
وفي الخبر : « أعوذ بكلمات اللّه التامّات كلّها من شرّ ما خلق » 4 إشارة إلى جواهر العقول الثابتة التامّة الوجود من حيثُ أن ليس لها منتظر .
وفي هذا الاحتمال ما لا يخفى .
ويحتمل أن يكون إشارةً إلى ما في هذه الأحوال العجيبة من أنواع العِبَر وأقسام الدلائل .
ويحتمل أن يكون إشارةً إلى الأكوان الوجوديّة الجوهريّة التي هي قبل النشأة العقليّة ؛ فإنّ حدوث كلّ نشأة يستلزم موتاً عن نشأة وحياة في نشأة اُخرى بعد الاُولى كأنّه قبل الانتقالات الواقعة للإنسان من كونه تراباً ، ثمّ نطفة ، ثمّ علقة .
[ و ]فيه ما لا يخفى .
وخير هذه الاحتمالات أوسطها ، والعلم عنده تعالى .

قال عليه السلام :«وَ اخْتِلَـفِ الَّيْلِ وَ النَّهَارِ»۵. [ ص۱۳ ح۱۲ ]
أقول : الاختلاف بوجهين :
أحدهما : أنّه اختلاف مِن خلفه يخلفه إذا ذهب الأوّل وجاء الثاني ، فيكون

1.غافر (۴۰) : ۶۸ .

2.النساء (۴) : ۱۷۱ .

3.فاطر (۳۵) : ۱۰ .

4.صحيح مسلم ، ج۸ ، ص۷۶ ؛ سنن ابن ماجة ، ج۲ ، ص۱۱۶۲ ، ح ۳۵۱۸ . وفي الكافي ، ج۲ ، ص۵۷۰ ، ضمن ح ۷ ؛ تهذيب الأحكام ، ج۲ ، ص۱۱۷ ، ضمن ح۴۳۹ هكذا : «أعوذ بكلمات اللّه التّامات التي لا يجاورهن برّ ولا فاجر . . .» .

5.البقرة (۲) : ۱۶۴ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
86

فهذا معنى كون الموت طبيعيّاً ، وإليه الإشارة فيما ورد «الموت حقّ» .
قال الزمخشري في الكشّاف : قوله تعالى : « ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ » 1 متعلّق بفعل محذوف تقديره : ثمّ يبقيكم لتبلغوا أشدّكم 2 . ثمّ قال : « وَ مِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ » 3 أي من قبل الشيخوخة ، أو من قبل هذه الحالات إذا خرج سقطاً ، ثمّ قال : « وَ لِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى » 4 فمعناه يفعل ذلك لتبلغوا الأجل المقدّر في عالم التقدير 5 ، فيحتمل أن يراد بهذا أجلٌ هو لقاء الحقّ تعالى الذي هو الغاية الأخيرة لخلقة الإنسان كما في قوله : « مَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَأَتٍ » 6 .
وقيل : هو وقت الموت طبيعياً كان أو اخترامياً .
وقيل : يوم القيامة .
ثمّ لا يخفى أنّ هذه اللاماتِ كلَّها للغاية الذاتيّة لا لمجرّد العاقبة .
ثمّ إنّ الأطبّاء والحكماء الطبيعيّين على أنّ كون الموت طبيعيّاً هو أنّ الحرارة الغريزيّة تفني الرطوبة الغريزيّة شيئاً فشيئاً ، ثمّ تفنى هي نفسها بفناء ما يحملها من الرطوبة ، وإنّها تنغمر بزيادة الرطوبات .
وأمّا أصحاب النجوم ، فقد حكموا بعدم إمكان دوام العمر بحكايات من أحكام النجوم وهيلاجها ، فقوله : « لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ » 7 يحتمل أن يكون إشارة إلى أنّ غاية هذه الأكوان وجود العقل وذات العاقل .
ويؤيّد[ ه ] ما وقع بعده « هُوَ الَّذِى يُحْيي وَ يُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن

1.غافر (۴۰) : ۶۷ .

2.الحجّ (۲۲) : ۵ .

3.تفسير الرازي ، ج۲۷ ، ص۸۵ .

4.الكشّاف ، ج۳ ، ص۴۳۶ ؛ جوامع الجامع ، ج۳ ، ص۲۵۱ .

5.العنكبوت (۲۹) : ۵ .

6.غافر (۴۰) : ۶۸ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 37983
صفحه از 476
پرینت  ارسال به