97
الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)

ذكر هذه الآية التنبيه والإشارة إلى شرف العقل ، وانّه مدرك مفصّل الآيات ، وأنّه المقصود في الخطاب ۱ .
ويحتمل أن يكون إشارة إلى المقاصد والبراهين المذكورة في الآيات السالفة يعني أنّا نفصّل مثل هذه الآيات اللطيفة والبيّنات العظيمة لقوم عقلاء من أهل العلم والمعرفة ؛ لأنّهم مشفّعون بها دون غيرهم ، فيكون لام «لقوم» للاختصاص .

قال عليه السلام : يا هشام ! ثمّ وعظ . [ ص۱۴ ح۱۲ ]
أقول : أي اللّه سبحانه .
اعلم أنّ كمال الجوهر الناطق منوط بأمرين : الإحاطة بالمعلومات ، والتنزّه عن التعلّقات ، فالزهد عبارة عن قطع التعلّق بالدنيا عن النفس ، لا عن قطع الدنيا أو انقطاعها بالموت وشبهه مع بقاء المتعلّق .
وقوله : « ثمّ » وهو للتراخي ، يعني أنّه بعد ما أرشد أهل العقل طريقَ العلم ومسلك البرهان ، وبيّن لهم سبيل الآيات الدالّة على التوحيد والإيمان ، زهّدهم عن الدنيا ورغّبهم في الآخرة بموعظة الخطاب ؛ إذ ۲ يكفي الخطابيّات فيما يتعلّق بلواحق ما علم بالبرهانيّات ، فقال سبحانه ترغيباً لهم في الآخرة : « وَمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ »۳ .
وهذه مقدّمة خطابيّة استعملت للاستدلال بها على وجوب الرغبة في الآخرة .
ثمّ إنّه لا منافاة بين كونها خطابيّة وبين كونها ثابتة حقّة بحسب الواقع كالجدل ، فإنّه مركّب من مقدّمات كلُّها أو بعضها مشهورة ، ومع ذلك لا ينافي أن تكون حقّة في أنفسها .
وإنّما قلنا ذلك لأنّ الدنيا باطلة لاحقيقة لها عند كثير من أهل الحكمة لكنّ أكثر الناس لا يمكنهم تعقّله من طريق العلم واليقين ، فلا منافاة بين كونها حقّة في الواقع

1.راجع : تفسير الرازي ، ج۲۵ ، ص۱۱۸ ـ ۱۱۹ .

2.المخطوط : «إنّ » .

3.الأنعام (۶) : ۳۲ .


الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
96

الجانبين في الغالب يعبَّر عن مالك العبيد والاماء بما يملكهم باليمين ، وعن العبيد والإماء بملك اليمين .
ومن الظاهر أنّ مملوكيّتهم طارية عليهم ، قابلة للانتقال والزوال بالبيع والعتق ، وذلك بخلاف ما عليه أمر مملوكه تعالى ؛ لأنّه لا محيص ولا خروج عن سلطانه تعالى بوجه مّا ، فإذا لم يجز كون عبدكم ۱ شركاءَ لكم فيما رزقكم اللّه ـ مع أنّهم مشاركون لكم في الحقيقة الإنسانيّة بل يجوز صيرورتهم مثلكم من جميع الوجوه ـ فكيف يجوز أن يكون له تعالى شريك أو شركاء .
وثالثها : قوله : « من شركاء فيما رزقناكم »۲ أي هل أنتم ومماليككم في شيء ممّا تملكون أنتم سواء؟ ليس كذلك ، فلا يكون للّه شريك ممّا يملكه ، لكن كلّ شيء فهو للّه ممّا يدعون إلاهيّته لا يملكون شيئاً أصلاً ، فلا تناسبه بوجه مّا مطلقاً .
وأمّا قولكم : « هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه »۳ فهو أيضاً غير لائق ؛ لأنّه لا حرمة لمملوككم عندكم حرمة الأحرار ، وإذا لم يكن حالهم لديهم كحال الأحرار في الحرمة ، فكيف حال المماليك الذين لا مساواة بينهم وما لكم بوجه من الوجوه في الحرمة عنده ، ولذلك قال : « مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ »۴ وإليه أشار بقوله : « تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ » وقوله : « وكَذَ لِكَ نُفَصِّلُ الْأَيَـتِ» أي نبيّنها بالدلائل والبراهين القطعيّة والأمثلة الخطابيّة الإقناعيّة « لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ »۵ ومقصوده عليه السلام من

1.الروم (۳۰) : ۲۸ .

2.كذا . والأولي : «عبيدكم » .

3. يعني الذي لكم من الأرزاق ظاهراً ليس لكم بل للّه تعالى ، فإذا لم يشاركوا لكم فيما لكم الذي ليس لكم ، فكيف يجوز أن يكون له شريك فيما له من الحقيقة! وقوله تعالى : « فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ » . الروم (۳۰) : ۲۸ .

4.يونس (۱۰) : ۱۸ .

5.البقرة (۲) : ۲۵۵ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوی، محمدتقی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 37939
صفحه از 476
پرینت  ارسال به