رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ » . 1
وفي الحديث النَّبوي الشريف :
« لَو أنَّ الدُّنيا كانَت تَعدِلُ عِندَ اللّهِ عز و جل جَناحَ بَعُوضَةٍ ما سَقَى الكافِرَ وَالفاجِرَ مِنها شَربَةً مِن ماءٍ » . 2
لقد استضاف اللّه ـ جلّ جلاله ـ نفوس أحبّائه وأرواحهم في ضيافته الرمضانية ، وليس أبدانهم وقوامهم المادّي ، وهذه ضيافة لا يرقى إلى إدراك قيمتها أحد سواه ، ومن هنا قال اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ :
« الصَّومُ لي وَأنَا أجزي بِهِ » . 3
لابدَّ أن تأتي شروط هذه الضيافة وآدابها متوائمة مع ضيافة النفس ، ولابدَّ أن يكون الطعام والشراب فيها من سنخ ضيافة الروح ، وأن يكون الهدف المرجوّ منها هو إيجاد التحوّل الروحي وتجديد الحياة المعنوية للإنسان وتقوية بنيته الروحية .
في هذا السياق ما أروع ما كتبه العالم الرباني الشيخ رضا ابن الفقيه والفيلسوف والعارف الجليل الشيخ محمّد حسين الإصفهاني طاب ثراهما ، وهو يقول في « الرسالة المجدية » عند شرح النبوي الشريف « شهر دعيتم فيه إلى ضيافة اللّه ، وجعلتم فيه من أهل كرامة اللّه » ما نصّه :
« اعلم أنّ هذه الضيافة ليست استضافة الجسد ، وأنَّ بدنك ليس هو المدعوّ لهذه الضيافة ، فأنت تسكن في شهر رمضان في البيت نفسه الّذي كنت تسكن فيه في شهر شعبان ، وطعامك فيه هو الخبز والمرق نفسه الّذي كنت تتناوله بقية شهور السنة وأنت ممنوع منه في أيّام هذا الشهر ، إنّما المدعوّ لهذه الضيافة هي نفسك الّتي دعيت إلى منزل آخر وإلى أطعمة اُخرى روحيّة تتواءم مع الروح ومهيأة من سنخها .