21
مراقبات شهر رمضان

القسم الثالث : آداب ضيافة اللّه

يمكن تقسيم آداب الضيافة الربانية إلى ثلاث مجموعات ، هي :
المجموعة الاُولى : وتشمل الآداب الّتي تعدّ رعايتها والالتزام بها شرطا لا مندوحة عنه للدخول إلى الضيافة الإلهية ؛ وهذه تتمثّل باجتناب مفطرات الصوم بقصد القربة ، والفقه هو المجال الطبيعي الّذي يتوفّر على دراسة هذه الآداب والالتزامات وبحثها ، وما دامت الرسائل الفقهية قد استوعبت هذا الأمر فلا حاجة للاستفاضة بعرض تفاصيله في إطار هذه المجموعة .
المجموعة الثانية : وتشمل الآداب الّتي تعدّ رعايتها شرطا ضروريّا لكي ينعم الإنسان بالضيافة الإلهية وينتفع من هباتها ، لجهة تجديد حياته المعنويّة وبلوغ تكامله الروحي ، وقد توفّر القسم الثالث من الكتاب على تغطية هذا النمط من الآداب واستيعابه قبل غيره من الآداب ، تحت عنوان « أهمّ الآداب » ، 1 والعنصر المشترك الجامع لهذه الآداب ، هو الورع عن محارم اللّه ، ولذلك جاء في الخطبة المعروفة الّتي خطبها النَّبي صلى الله عليه و آله في استقبال شهر رمضان ، أنَّ الإمام عليّ عليه السلام سأل أثناءها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، بقوله :
« يا رَسولَ اللّهِ ، ما أفضَلُ الأَعمالِ في هذَا الشَّهرِ ؟ »
فَأَجابَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : « الوَرَعُ عَن مَحارِمِ اللّهِ » . 2

يمكن القول بأنَّ الذنوب هي الآفات الّتي تهدّد الحياة المعنوية للإنسان وتحول دون ازدهارها ، ومن ثَمَّ لا يمكن للصيام أن يكون مؤثّرا قطّ في إيجاد التحوّل المعنوي لدى الإنسان ، إذا كانت الذنوب حائلاً يمنع عن ذلك ، فالصائم الّذي يبتلى بآفة الذنوب لا ينتفع من صيامه ، وبتعبير رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
« رُبَّ صائِمٍ حَظُّهُ مِن صِيامِهِ الجوعُ وَالعَطَشُ ، ورُبَّ قائِمٍ حَظُّهُ مِن قِيامِهِ

1.راجع : ص ۱۰۳ .

2.فضائل الأشهر الثلاثة : ص ۷۸ ح ۶۱ ، بحار الأنوار : ج ۹۶ ص ۳۵۸ ح ۲۵ .


مراقبات شهر رمضان
20

المهمّة الّتي اضطلع بها القسم الثاني من الكتاب .
لقد استلزمت المعرفة شرطا أوّليّا في طليعة الشروط الأساسية الّتي تستلزمها عملية الدخول إلى نطاق الضيافة الإلهية . والمعرفة هذه تكتنز اُفقا وسيعا يبدأ بمعرفة معنى ضيافة اللّه ، ويمتدّ إلى معرفة فلسفة الصوم ، والقيمة الّتي يحظى بها الصوم والصائم ، ثُمَّ دور الصيام في الحياة المادية والمعنوية للإنسان ، وكذلك معرفة مراتب الضيافة الربانية ، فمن دون أن يدرك ضيوف اللّه هذه المسائل ويستوعبوها لا يمكنهم التهيّؤ للتزوّد من ضيافته سبحانه والنهل من عطاياها .
أهمّية المعرفة في نطاقها الشامل الّذي يستوعب مجموعة هذه المسائل ، هي الّتي تفسّر اختصاص الفصل الأوّل من القسم الثاني بها ، حيث جاء بعنوان « معرفة ضيافة اللّه » .
النقطة الأساسية الاُخرى الّتي تنطوي على أهمّية كبيرة ، هي ضرورة التخطيط لتهيئة المسلمين وتأهيلهم للنفوذ إلى دائرة الضيافة الرمضانية ، فدراسة سيرة أهل البيت عليهم السلام في هذا المضمار تكشف عن العناية الخاصّة الّتي يبذلها هؤلاء الكرام في هذا الموضوع ، إذ يكفي لإثبات المدّعى وما تنطوي عليه هذه الفكرة من أهمّية ملاحظة خطب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، الّتي أدليا بها على مشارف شهر رمضان ولغرض التهيّؤ له واستقباله ، ممّا أثبتنا نصوصه في الفصل الثالث من هذا القسم . فمراجعة هذه الخطب تزيد من المسؤولية الّتي تقع على عاتق القيادات السياسية والدينية والثقافية في البلدان الإسلامية ، لجهة إعداد المسلمين وتهيئتهم للنفوذ إلى عالم الضيافة الإلهية وتأهيلهم للتزوّد من بركاتها ومواهبها .
على أنَّ المسألة في التهيّؤ للضيافة الإلهية لا تقتصر على المعرفة وحدها ، بل ثَمَّ ضرورة لعدد من الأعمال والأدعية الّتي تصبّ في الاتّجاه ذاته وتحقّق الغاية المرجوّة ، كما توفّر على بيان ذلك الفصلان الثالث والرابع من القسم الثاني .

  • نام منبع :
    مراقبات شهر رمضان
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 67408
صفحه از 308
پرینت  ارسال به