غياب التعارض فيما بينها وحسب ، بل يشير أيضا إلى تعاضدها وأنَّ بعضها يؤيّد بعضا ، وتوضيح : أنَّ ليلة القدر من منظور أحاديث أهل البيت عليهم السلام ـ ومعها قدر لا يُستهان به من أحاديث أهل السنّة ـ هي : الليلة الثّالثة والعشرون من شهر رمضان . وقد قال شيخ المحدّثين ابن بابويه ( ت 281 ق ) :
« اتّفق مشايخنا رضي الله عنهم [ في ليلة القدر ] على أنّها الليلة الثالثة والعشرون من شهر رمضان » . ۱
أمّا حثّ روايات المجموعة الاُولى والثانية والثالثة وتركيزها على إحياء العشر الأُخَر من شهر رمضان ، والمثابرة فيها على الأعمال الصالحة لدرك فضيلة ليلة القدر ، وكذلك ما أوصت به من إحياء الليالى التاسعة عشرة والحادية والعشرين والثالثة والعشرين أو الليلتين الحادية والعشرين والثّالثة والعشرين كما في بعضها الآخر ؛ فإنَّ ذلك كلّه يعود إلى الأمرين التاليين :
أوّلاً : أن يحقّق المسلمون منافع أكبر من إحياء ليالي شهر رمضان ويكون لهم أوفر نصيب من هباتها وعطاياها ، ولذا جاء في نص روائي عن سرّ ستر ليلة القدر وتغييبها بين اللّيالي : « أنَّ اللّهَ إنَّما يَستُرُها عَنكم نَظَرا لَكم » . ۲
وثانيا : أنَّ ليلة القدر وإن كانت هي الليلة الثّالثة والعشرين ، إلاّ أنَّ ذلك لا يعني غياب دور اللّيلتين التّاسعة عشرة والحادية والعشرين تماما ، بحيث ليس لهما مطلقا أي دور تؤدّيانه على صعيد تحديد مقادير الإنسان وتقرير مصيره .
5 . ليلة القدر واختلاف المناطق
تبرز واحدة من المسائل المهمّة على صعيد البحث في ليلة القدر ، بطبيعة هذه اللّيلة ، وفيما إذا كانت واحدة في المناطق المختلفة أم متفاوتة ؟ لقد قاد البحث في هذه المسألة إلى تبلور عدد من النظريات ، نشير لها كما يلي :