291
مراقبات شهر رمضان

حَتّى أتاهُ اليَقينُ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وآلِهِ .
اُوصيكُم عِبادَ اللّهِ بِتَقوَى اللّهِ الَّذي لا تَبرَحُ مِنهُ نِعمَةٌ ، ولا تُفقَدُ لَهُ رَحمَةٌ ، ولايَستَغني عَنهُ العِبادُ ولا تَجزي أنعُمَهُ الأَعمالُ ، الَّذي رَغَّبَ فِي الآخِرَةِ ، وزَهَّدَ فِي الدُّنيا ، وحَذَّرَ المَعاصِيَ ، وتَعَزَّزَ بِالبَقاءِ ، وتَفَرَّدَ بِالعِزِّ وَالبَهاءِ ، وجَعَلَ المَوتَ غايَةَ المَخلوقينَ وسَبيلَ الماضينَ ، فَهُوَ مَعقودٌ بِنَواصِي الخَلقِ كُلِّهِم حَتمٌ في رِقابِهِم ، لا يُعجِزُهُ لُحوقُ الهارِبِ ولا يَفوتُهُ ناءٍ ولا آئِبٌ ، يَهدِمُ كُلَّ لَذَّةٍ ، ويُزيلُ كُلَّ بَهجَةٍ ، ويَقشَعُ كُلَّ نِعمَةٍ .
عِبادَ اللّهِ ، إنَّ الدُّنيا دارٌ رَضِيَ اللّهُ لِأَهلِهَا الفَناءَ وقَدَّرَ عَلَيهِم بِهَا الجَلاءَ ، فَكُلُّ ما فيها نافِدٌ وكُلُّ مَن يَسلُكُها بائِدٌ ، وهِيَ مَعَ ذلِكَ حُلوَةٌ غَضِرَةٌ ۱ ، رائِقَةٌ نَضِرَةٌ ۲ ، قَد زُيِّنَت لِلطّالِبِ ، ولاطَت ۳ بِقَلبِ الرّاغِبِ ، يُطَيِّبُهَا الطّامِعُ، ويَجتَويهَا ۴ الوَجِلُ الخائِفُ ، فَارتَحِلوا رَحِمَكُمُ اللّهُ مِنها بِأَحسَنِ ما بِحَضرَتِكُم مِنَ الزّادِ ولا تَطلُبوا مِنها سِوَى البُلغَةَ ۵ ، وكونوا فيها كَسَفرٍ ۶ نَزَلوا مَنزِلاً فَتَمَتَّعوا مِنهُ بِأَدنى ظِلٍّ،ثُمَّ ارتَحَلوا لِشَأنِهِم،ولا تَمُدّوا أعيُنَكُم فيها إلى ما مَتَّعَ بِهِ المُترَفونَ، وأضِرّوا فيها بِأَنفُسِكُم ؛ فَإِنَّ ذلِكَ أخَفُّ لِلحِسابِ وأقرَبُ مِنَ النَّجاةِ.
ألا إنَّ الدُّنيا قَد تَنَكَّرَت وأدبَرَت وآذَنَت بِوَداعٍ ، ألا وإنَّ الآخِرَةَ قَد أقبَلَت وأشرَفَت ونادَت بِاطِّلاعٍ،ألا وإنَّ المِضمارَ اليَومُ وغَداً السِّباقُ ۷ ألا وإنَّ السُّبقَةَ الجَنَّةُ وَالغايَةَ النّارُ ، أفَلا تائِبٌ مِن خَطيئَتِهِ قَبلَ هُجومِ مَنِيَّتِهِ؟ أوَلا عامِلٌ لِنَفسِهِ

1.غضارة الدنيا : طيبها ولذّتها . يقال : إنّهم لفي غَضَارَة من العيش : أي في خِصْب وخَير (النهاية : ج ۳ ص ۳۷۰) .

2.النَّضارة ـ في الأصل ـ : حسن الوجه والبريق (النهاية : ج ۵ ص ۷۱) .

3.لاط الشيء بقلبي : حُبِّب إليه واُلصِقَ (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۳۸۴) .

4.اجْتَوَيْت البَلَد : إذا كرهت المقام فيه (لسان العرب : ج ۱۴ ص ۱۵۸) .

5.البُلغة : الكِفاية ، وهو ما يكتفى به في العيش (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۱۸۷) .

6.السَّفر : المسافرون (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۸۴۹) .

7.أي : اليومَ العملُ فيالدنيا للاستباق في الجنّة . والمِضمارُ: الموضع الّذي تضمّر فيه الخيل (النهاية : ج ۳ ص ۹۹) .


مراقبات شهر رمضان
290

الَّذين كَفَروا بِرَبِّهِم يَعدِلونَ ، لا نُشرِكُ بِاللّهِ شَيئاً ، ولا نَتَّخِذُ مِن دونِهِ وَلِيّاً ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرضِ ، ولَهُ الحَمدُ فِي الآخِرَةِ وهُوَ الحَكيمُ الخَبيرُ ، يَعلَمُ ما يَلِجُ فِي الأَرضِ وما يَخرُجُ مِنها ، وما يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ وما يَعرُجُ فيها وهُوَ الرَّحيمُ الغَفورُ ، كَذلِكَ رَبُّنا جَلَّ ثَناؤُهُ لا أمَدَ ولا غايَةَ ولا نِهايَةَ ولا إلهَ إلاّ هُوَ وإلَيهِ المَصيرُ ، وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي يُمسِكُ السَّماءَ أن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إلاّ بِإِذنِهِ ، إنَّ اللّهَ بِالنّاسِ لَرَؤوفٌ رَحيمٌ .
اللّهُمَّ ارحَمنا بِرَحمَتِكَ ، وَاعمُمنا بِعافِيَتِكَ ، وَامدُدنا بِعِصمَتِكَ ، ولا تُخلِنا مِن رَحمَتِكَ إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ ، وَالحَمدُ للّهِِ لا مَقنوطاً من رَحمَتِهِ ولا مَخلُوّاً مِن نِعمَتِهِ ، ولا مُؤيِساً مِن رَوحِهِ ، ولا مُستَنكِفاً عَن عِبادَتِهِ ، الَّذي بِكَلِمَتِهِ قامَتِ السَّماواتُ السَّبعُ ، وقَرَّتِ الأَرَضونَ السَّبعُ ، وثَبَتَتِ الجِبالُ الرَّواسي ، وجَرَتِ الرِّياحُ اللَّواقِحُ ، وسارَ في جَوِّ السَّماءِ السَّحابُ ، وقامَت عَلى حُدودِهَا البِحارُ ، فَتَبارَكَ اللّهُ رَبُّ العالَمينَ ، إلهٌ قاهِرٌ قادِرٌ ذَلَّ لَهُ المُتَعَزِّزونَ ، وتَضاءَلَ لَهُ المُتَكَبِّرونَ ، ودانَ طَوعاً وكَرهاً لَهُ العالَمونَ .
نَحمَدُهُ بِما حَمِدَ نَفسَهُ وكَما هُوَ أهلُهُ ، ونَستَعينُهُ ونَستَغفِرُهُ ونَشهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللّهُ وَحدَهُ لاشَريكَ لَهُ ، يَعلَمُ ما تُخفِي الصُّدورُ ، وما تَجِنُّ البِحارُ ، وما تُوارِي الأَسرابُ ۱ ، وما تَغيضُ الأَرحامُ وما تَزدادُ ، وكُلُّ شَيءٍ عِندَهُ بِمِقدارٍ ، لا تَوارى مِنهُ ظُلُماتٌ ولا تَغيبُ عَنهُ غائِبَةٌ ، وما تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ إلاّ يَعلَمُها ، ولا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأَرضِ ، ولا رَطبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتابٍ مُبينٍ ، ويَعلَمُ ما يَعمَلُ العامِلونَ وإلى أيِّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبونَ ، ونَستَهدِي اللّهَ بِالهُدى ، ونَعوذُ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَالرَّدى ، ونَشهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ ونَبِيُّهُ ورَسولُهُ إلَى النّاسِ كافَّةً ، وأمينُهُ عَلى وَحيِهِ ، وأنَّهُ بَلَّغَ رِسالَةَ رَبِّهِ ، وجاهَدَ فِي اللّهِ المُدبِرينَ عَنهُ ، وعَبَدَهُ

1.الأسراب : جمع السَرَب ؛ وهو جُحْر الوحشي ، والحفير تحت الأرض (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۸۱) .

  • نام منبع :
    مراقبات شهر رمضان
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 56529
صفحه از 308
پرینت  ارسال به