جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 152

وفاطمة والحسن والحسين ، فقال المأمون : هل بلغكم أنّ عليّاً عليه السلامحين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال : « إنّما نطعمكم لوجه اللّه » على ما وصف اللّه تعالى في كتابه ؟ فقالوا : نعم ، فقال المأمون : تبصّروا كيف أنزل اللّه تعالى هذه الآية تمثالاً وكمالاً لعليّ ، فهل نزلت آية في فضل أبي بكر ؟
فقال إسحاق : نزلت آية في أبي بكر في قوله تعالى : « ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا »۱ الآية ، فنسبه اللّه تعالى إلى صحبة نبيّه صلى الله عليه و آله وسلمفقال المأمون : يا إسحاق ، ما أقلّ علمك باللغة والكتاب ! أفما يجوز أن يكون الكافر صاحباً للمؤمن ؟ فأيّ فضيلة لأبي بكر في هذه الآية ؟ أ ما سمعت قوله تعالى : « قالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بالّذي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلاً »۲ الآية ، لقد جعله له صاحباً ، وقال الهذلي :

ولقد غدوت وصاحبي وحشيّةتحت الرداء بصيرة بالشرقي۳
وقال الأزدي : ولقد دعوت الوحش فيه مصاحبي ۴
.
فصيّر الهذلي الفرس صاحبه ، وصيّر الأزدي الوحش صاحبه .
وأمّا قوله تعالى : « لا تَحْزَنْ إنَّ اللّهَ مَعَنا »۵ فإنّ اللّه تعالى مع البرّ والفاجر ؛ أ ما سمعت قوله تعالى : « مَا يَكُونُ مِن نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وََ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وََ أَدْنَى مِن ذلِكَ وََ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا »۶ وأمّا قوله : « لا تَحْزَنْ » فأخبرني ـ يا إسحاق ـ عن حزن أبي بكر ، كان طاعة أو معصية ؟ فإن قلت : « إنّ حزنه كان طاعة » فقد جعلت النبيَّ صلى الله عليه و آله وسلمينهى عن الطاعة ، وهذا بخلاف صفة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، وإن قلت : « إنّه معصية » ،

1.سورة التوبة ، الآية ۴۰ .

2.سورة الكهف ، الآية ۳۷ .

3.في المصدر : بالمشرق .

4.في المصدر : ولقد ذعرت الوحش فيه وصاحبيمحض القوائم من هجان هيكل

5.سورة المجادلة ، الآية ۷ .

صفحه از 271