جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 153

فأيّ فضيلة تكون للعاصي ؟ فسكت ولم يرد جواباً .
فقال المأمون : أخبرني عن قوله تعالى : « فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ »۱ في من نزلت هذه الآية ؟ فقال إسحاق : نزلت في أبي بكر ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمكان مستغنياً عن السكينة ، فقال المأمون : كذبت ـ يا إسحاق ـ على اللّه تعالى ؛ أخبرني عن قوله تعالى : « وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ »۲ الآية . أتدري ـ يا إسحاق ـ من المؤمنون الّذين ذكرهم اللّه في هذا الموضع ؟ فقال : لا أعلم ، فقال المأمون : يا إسحاق ، إنّ الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمإلاّ سبعة من بني هاشم ، عليّ يضرب بسيفه يميناً وشمالاً ، والعبّاس قابض بلجام بغلة النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، والخمسة محدقون حول النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمخوفاً أن يناله سلاح الكفّار ، حتّى اُعطي عليٌّ عليه السلام ۳ الظفر على الكفّار ، ورجع منصوراً إلى النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، وعنى بالمؤمنين في هذا الموضع عليّاً ومن حضر معه من بني هاشم ، فمن يكون أفضل الصحابة ؟ الّذي كان مع النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمونزلت السكينة على النبيّ وعليه ، أو من كان معه في الغار ولم يُرَ أهلاً لنزولها ؟ !
يا إسحاق ، ومن أفضل ؟ من كان مع النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم في الغار ، أو من نام على فراشه ووقاه بنفسه ، حتّى رجع من الهجرة بأمر من اللّه لنبيّه ، وأمرٍ من النبيّ له ؟ حتّى أنّ عليّاً عليه السلامقال له : وتَسلم أنت يا نبيّ اللّه ؟ قال : نعم ، فقال : سمعاً وطاعةً ، ثمّ أتى مضجعه واتّشح ۴ بثوبه ، وأحدق المشركون به ، ولا يشكّون فيه أنّه النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم ، وقد أجمعوا أن يضربوه من كلّ بطن من قريش ضربة رجل واحد كيلا يطلب بدمه الهاشميّون كلّ هذا ، وعليّ عليه السلام يسمع من القوم ما عزموا عليه من التدبير في تلف نفسه ، فلم يدعُه ذلك إلى الخروج كما خرج أبوبكر رجله من الغار ، وهو مع النبيّ المختار وعليّ عليه السلام وحده في

1.سورة التوبة ، الآية ۴۰ .

2.سورة التوبة ، الآية ۲۵ و۲۶ .

3.في المصدر : حتّى أعطى اللّه رسوله صلى الله عليه و آله وسلم الظفر .

4.في المصدر : وتسجّى .

صفحه از 271