جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 155

جئتني ببيّنة واضحة نصّ بها اللّه تعالى في كتابه العزيز فلك الأمان من القتل .
فقالت له : اعلم ـ يا حجّاج ـ أنّه لمّا خلق اللّه تعالى نبيّه آدم عليه السلام ، وأسكنه الجنّة ، وزوّجه أمته حوّاء ؛ وأسجد له الملائكة ، وأكرمه وجاءه بنعيم لا يحصى ، وبعد ذلك عصى ربّه وغوى ، ولذلك قال اللّه تعالى في كتابه العزيز : « وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى » 1 وعليٌّ عليه السلاملا يعصي ربّه ولا غوى ، بل مدحه اللّه في كتابه العزيز في مواضع كثيرةٍ ، نحو قوله : « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ » 2 وهذه خصّ بها عليّ بن أبي طالب ؛ لأنّنا لا بعهد 3 أحد من الخلق تصدّق بخاتمه في الصلاة وهو راكع ، غير عليٍّ عليه السلام ، ونحو قوله تعالى : « وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وََ شُكُوراً » 4 ولا نعلم أنّ أحداً من الخلق قال للسائل حين تصدّق عليه هذا الكلام غير عليّ عليه السلام .
فقال الحجّاج : صدقت يا عجوز الخير ، وبماذا فضيلته على نوح عليه السلام ؟
فقالت : إنّما فضّلته عليه بزوجته فاطمة الزهراء عليهاالسلام ؛ لأنّها سيّدة نساء العالمين ، وبعلها سيّد الوصيّين ، الّتي اُملكتْ عند سدرة المنتهى ، عندها جنّة المأوى ، وإنّ أباها محمّد المصطفى ، وأمّا نوح عليه السلامفكانت زوجته خائنة ، وقد ذمّها اللّه في كتابه العزيز بقوله تعالى : « ضَرَبَ اللّه مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا » 5 .
فقال الحجّاج : صدقت يا عجوز الخير ، وبماذا فضيلته على إبراهيم الخليل ؟ فقالت : اعلم ـ يا حجّاج ـ أنّ إبراهيم لمّا ناجى ربّه عز و جل قال : « رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى

1.سورة طه ، الآية ۱۲۱ .

2.سورة المائدة ، الآية ۵۵ .

3.كذا في الأصل .

4.سورة الإنسان ، الآية ۸ و۹ .

5.سورة التحريم ، الآية ۱۰ .

صفحه از 271