جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 157

القتل ! واختار إنفاذ الأمر إلى أخيه هارون من شدّة خوفه ، فأنزل اللّه فيه هذه الآية : « فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ »۱« قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ »۲ فاعتذر إلى ربّه : إنّي أخاف من القتل ، وإنّ لساني غير فصيح ، و « إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ » ، وسيّدي عليُّ بن أبي طالب عليه السلامبات على فراش النبيّ صلى الله عليه و آله وسلمليلة الفزع الأكبر ، وبذل مهجته دونه للحتوف ، ووقاه بنفسه من الأعداء ؛ ابتغاءً لمرضاة اللّه تعالى ورضاءً لنبيّه ، ولم يعتذر بوجه من الوجوه أبداً .
فقال لها : صدقت ، وبماذا فضيلته على عيسى عليه السلاموهو روح القدس ؟ فقالت له : اعلم ـ يا حجّاج ـ أنّ اللّه تعالى أوحى إلى نبيّه عيسى عليه السلاميعاتبه على كلام صدر منه مع قومه ، فأنزل اللّه تعالى في كتابه العزيز يقول : « يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ مِن دُونِ اللّه قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وََ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ »۳ وإنّ عيسى عليه السلاميوم القيامة يقف موقف الاعتذار ، وإنّ سيّدي عليّ بن أبي طالب عليه السلامقال له أهل سبا لمّا رأوا معجزاته وآياته وفضائله : يا عليّ ، أنت إلهنا ، فقتلهم من آخرهم ولم يبق منهم إلاّ القليل ، وهو يقول لهم : يا قوم ، إنّما إلهكم إله واحد ، له ما في السماوات وما في الأرض .
فقال لها : صدقت يا عجوز الخير . ثمّ قالت : يا حجّاج ، وله فضيلة اُخرى على عيسى عليه السلام ، فإنّ مريم بنت عمران لمّا جاءتها الولادة بعيسى عليه السلام كانت في المسجد ، فأوحى اللّه إليها أن تخرج وتتّخذ مكاناً شرقيّاً ، واتّضع عيسى عند جذع النخلة ، وفاطمة بنت أسد لمّا جاءها الطلق كانت ناحيةً عن البيت الحرام ، فأوحى اللّه إليها أن

1.سورة القصص ، الآية ۲۱ .

2.سورة القصص ، الآية ۳۳ و ۳۴ .

3.سورة المائدة ، الآية ۱۱۶ .

صفحه از 271