قال : فقاموا إليه الأنصار ، وقد أخذوا بأيديهم السلاح وقالوا : نعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله ! أخبِرنا يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم من آذاك في أهل بيتك حتّى نضرب عنقه ؟ قال : فانسبوني : أنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطّلب ، ثمّ انتهى بالنسبه إلى نزار ، ثمّ مضى إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل اللّه ، ثمّ مضى إلى نوح عليه السلام ، ثمّ قال : أهل بيتي كطينة آدم عليه السلام ، نكاح غير سفاح ، فواللّه لا يسألني رجل إلاّ أخبرته عن نفسه وعن أبيه . فقام إليه رجل وقال : من أنا يا رسول اللّه ؟ قال : أبوك فلان الّذي تدعى إليه . قال : فارتدّ الرجل عن الإسلام ، ثمّ قال صلى الله عليه و آله وسلم والغضب ظاهر في وجهه : ما يمنع هذا الرجل الّذي يعيب أهل بيتي وأخي ووزيري وخليفتي من بعدي ووليّ كلّ مؤمن ومؤمنة بعدي أن يقوم يسألني عن أبيه ، وأين هو في جنّة أو نار ؟
قال : فعند ذلك خشي عمر على نفسه أن يبدأه رسول اللّه فيفضحه بين الناس ، فقال : نعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله ، اُعفُ عنّا يعف اللّه عنك ، اصفح عنّا جعلنا اللّه فداك ، أقلنا أقالك اللّه ، استرنا سترك اللّه ، فاستحى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ؛ لأنّه كان أهل الحلم والكرم والعفو ، ثمّ نزل عن منبره صلى الله عليه و آله وسلم ۱ .
۱۴۲.ومن الكتاب المذكور مرفوعاً إلى الأصبغ ، قال :لمّا ضُرب أمير المؤمنين عليه السلامالضربة الّتي كانت وفاته فيها ، اجتمع إليه الناس بباب القصر ، وكانوا يريدون قتل ابن ملجم لعنه اللّه ، فخرج الحسن عليه السلامفقال : معاشر الناس ، إنّ أبي أوصاني أن أترك أمره إلى وفاته ، فإن كان له الوفاة ، وإلاّ نظر هو في حقّه ، فانصرِفوا ـ يرحمكم اللّه ـ . قال : وانصرف الناس ولم أنصرف ، فخرج ثانية وقال لي : يا أصبغ ، أ ما سمعت قولي عن قول أمير المؤمنين ؟ قلت : بلى ، ولكنّي رأيت حاله فأحببت أن أنظر إليه ، فأسمع منه حديثاً ، فاستأذِن لي ـ رحمك اللّه ـ . فدخل ولم يلبث أن خرج فقال لي : ادخُل فدخلت ، فإذا أمير المؤمنين عليه السلام معصّب بعصابة ، وقد علت صفرة وجهه على تلك العصابة ، فإذا
1.الروضة في المعجزات والفضائل ، ص۱۳۸ ؛ كتاب سليم بن قيس ، ص۲۳۵ ؛ الفضائل لابن شاذان ، ص۱۳۲ .