جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 190

والخلافة من بعدك ؛ فإنّي لم أخل أرضي من حجّة ولم أخلها أبداً ، فإنّ اللّه ـ جلّ ثناؤه ـ يأمرك أن تبلّغ قومك فريضة الحجّ ، فحجِّ وحجَّ معك كلّ من استطاع إليه سبيلاً من أهل الحضر والأطراف والأعراب ، وتعلّمَهم من حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وتوقّفَهم من ذلك على مثال الّذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع .
فنادى منادي رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم في الناس : ألا إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يريد الحجّ ، وأن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم ، ويوقفكم من ذلك على مثل ما أوقفكم عليه من غيره ، فخرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وخرج معه الناس ، وأصغوا إليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله ، فحجّ بهم ، وبلغ مَن حجّ مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلممن أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان أو يزيدون ، على نحو عدد قوم موسى ، السبعين الألف الّذين أخذ عليهم بيعة هارون عليه السلامفنكثوا واتّبعوا العجل [ و ] السامريّ ، وكذلك أخذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمالبيعة لعليّ عليه السلامبالخلافة على عدد أصحاب موسى ، فنكثوا البيعة واتّبعوا العجل ، سنّةً بسنّة ومثلاً بمثل .
فلمّا وقف صلى الله عليه و آله وسلم بالموقف أتاه جبرئيل عن اللّه تعالى ، وقال له : يا محمّد ، إنّ اللّه عز و جليقرئك السلام ويقول لك : إنّه قد دنا أجلك [ و ]مدّتك ، وأنا مستقدمك على ما لا بدّ منه ولا عنه محيص ، فاعهد عهدك وقدّم وصيّك ، واعمد إلى ما عندك من العلم ، وميراثِ علوم الأنبياء من قبلك ، والسلاح والتابوت وجميع ما عندك من آيات الأنبياء ، فسلّمها إلى وصيّك وخليفتك من بعدك ، حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب ، فأقمه للناس علماً ، وجدّد عهده وميثاقه وبيعته ، وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الّذي واثقتهم به ، وعهدي الّذي عهدته إليهم من ولاية وليّي ومولاهم ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة عليّ بن أبي طالب ، فإنّي لم أقبض نبيّاً قطّ من الأنبياء إلاّ من بعد إكمال ديني وإتمام نعمتي بولاية أوليائي ومعاداة أعدائي ، وذلك كمال توحيدي وديني وإتمامُ نعمتي على خلقي باتّباع وليّيوطاعته ، وذلك أنّي لا أترك أرضي بغير وليٍّ ولا قيّم ؛ ليكون

صفحه از 271