مِنْ رَبِّكَ » في عليّ « فإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ واللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاس » 1 وكان اُولاهم قريباً من الجحفة ، فأمره بأن يُردّ من تقدّم منهم ، ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المقام ؛ ليقيم عليّاً [ علما ]للنّاس ، ويبلّغهم ما أنزل اللّه تعالى في عليّ عليه السلام ، وأخبره أنّ اللّه تعالى قد عصمه من الناس .
قام 2 رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم عندما جاءته العصمة منادياً ينادي في الناس بالصلاة جامعة ، ويردّ من تقدّم منهم ، ويحبس من تأخّر وتنحّى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير ؛ أمره بذلك جبرئيل عليه السلام عن اللّه عز و جل ، وفي الموضع سَلِمات 3 يحتجر ، فأمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أن يقمّ 4 ما تحتهنّ ، وينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس ، فتراجع الناس وأحبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزولون .
فقام رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فوق تلك الأحجار ، ثمّ حمد اللّه تعالى وأثنى عليه ف الحمد للّه الّذي علا في توحّده ، ودنى في تفرّده ، وجلّ في سلطانه ، وعظم في أركانه ، وأحاط بكلّ شيءٍ وهو في مكانه ، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه ، مجيداً لم يزل ، محموداً لا يزال ، بارئ المسموكات 5 ، وداحي المدحوّات ، وجبّار [ الأرضين و ] السماوات ، قدّوسٌ سبّوحٌ ، ربّ الملائكة والروح ، متفضّل على جميع من يراه ، متطوّل على من أدناه ، يلحظ كلّ عين والعيون لا تراه ، كريم حليم ذو أناة ، قد وسع كلّ شيء رحمته ، ومنّ عليهم بنعمته ، لا يعجل بانتقامه ، ولا يبادر إليهم بما استحقّوا من عذابه ، وقد فهم السرائر ، وعلم الضمائر ، ولم تخفَ عليه المكنونات ، ولا اشتبهت عليه الخفيّات ، له الإحاطة بكلّ شيءٍ ، والغلبة على كلّ شيءٍ ، [ والقوّة في كلّ شيء ]
1.سورة المائدة ، الآية ۶۷ .
2.في المصدر : «فأمر» بدل «قام» .
3.السَّلِمَة : الحجارة .
4.أي : يكنس .
5.السمك : السقف ، أو من أعلى البيت إلى أسفله ، والغاية من كلّ شي?، والمقصود هنا السماوات وما فيها .