جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 255

السبع حتّى دنا منه ، فقال صائحاً به : قف . فخاف الأسد وكلَّ ووقف ، فعندها استقرّت البغلة ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا ليث ، ما علمتَ أنّي الليث والأسد والقسورة وحيدرة ؟ [ ثمّ قال : ]ما جاء بك إلينا أيّها الليث ؟ [ ثمّ قال : ] اللّهمّ أطلق على لسانه .
فقال السبع : يا أمير المؤمنين عليه السلام ويا وارث علم النبيّين ومفرّق بين الحقّ والباطل ، ما افترست منذ ثلاثة أيّام ، وقد أضرّني الجوع ، فرأيتكم من فرسخين ، فقلت : أذهب وأنظر مَن هؤلاء القوم ؟ فإن كان لي بهم قدرة أحصل منهم فريسة . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أ ما علمت أنّي أسد اللّه ، وأبو الأشبال الاثنى عشر ؟ فعند ذلك امتدّ الأسد بين يديه ، وجعل أمير المؤمنين يمسح رأسه وهو يقول : ما جاء بك يا ليث ؟ أنت كلب اللّه في أرضه ! فقال : يا أمير المؤمنين نحن من قبيل ينتحل محبّة الهاشميّين ، لا نأكل معاشر السباع رجلاً يحبّك ويحبّ عترتك .
ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، أنا مسلّط على من أبغضك من كلاب الشام ، وكذلك أهل بيتي ، وهم فريستنا ، ونحن نأوي النيل . قال : فما جاء بك إلى الكوفة ؟ قال : أتيت في هذه الفيافي لَعلِّي ألقاك ، وإنّي لمنصرف من ليلتي هذه إلى رجل يقال له سنان بن وائل ، ممّن أفلت من حزب صفّين من أهل الشام ، وهو يريد القادسيّة ، وهو رزقي في هذه الليلة ، ثمّ قام من بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام ، فقضيت عجباً من هذه الحالة ، فقلت في نفسي : سبحان اللّه ! سبعٌ يتكلّم مع أمير المؤمنين ، فقال أمير المؤمنين : ويلك ، لم تتعجّب ؟ هذا أعجب ، أم الشمس والكواكب ، أم سائر ذلك ؟ والّذي فلق الحبّة وبرء النسمة ، لو أحببت لاُري ممّا علّمني رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلممن الآيات والعجائب ، ولو اُريهم لرجع الناس كفّاراً !
ثمّ رجع أمير المؤمنين عليه السلام إلى مستقرّه ، ووجّهني إلى القادسيّة لأستيقن الحال ، فركبت من ليلتي فوافيت باب القادسيّة قبل أن يقيم المؤذّن ، فسمعت الناس يقولون : سنانٌ افترسه الأسد ! فأتيت أنا فيمن أتى إليه لننظره ، فما ترك إلاّ رأسه وبعض أعضائه مثل الأنامل وأطراف الأصابع ، وأتى على باقيه كلّه ، فحَملتُ رأسه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فبقي متعجّباً ، وأخبرتُ الناس بما كان من حديث أمير المؤمنين والأسد ،

صفحه از 271