جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 256

فجعل الناس يتبرّكون بتراب أقدام أمير المؤمنين عليه السلامويستشفون به ، ثمّ قام خطيباً فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : معاشر الناس ، ما أحبّنا رجل فدخل النار ، وما أبغضنا رجل فدخل الجنّة ، وإنّي لقسيم الجنّة والنار ، وإذا كان يوم القيامة وقفت على جسر جهنّم فأقول : هذا لي ، حتّى يجوز أوليائي ، ومشيت حتّى الصراط كالبرق الخاطف أو كالرعد العاصف ! فقام الناس وأخذوا يقولون : الحمد للّه الّذي فضّلك على كثيرٍ من خلقه ، ثمّ تلا أمير المؤمنين عليه السلام : « الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ » إلى قوله : « فَضْلٍ عَظِيمٍ »۱ . ۲

۲۹۰.عن شباب بن مدحج :كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام على شاطئ الفرات وهو جالسٌ متفكّر ، يعقد أنامله كهيئة الحاسب ، فتوهّمت أنّه حاسب شيئاً ، فبقيت أنظر إليه ، فهو قابضٌ في بحر الفكر وقد انتزع خفَّيه ووضعها ناحية ، ثمّ رفع رأسه بعد أن تفكّر ساعة وقال : يا شباب ، قل : لا إله إلاّ اللّه ، محمّد رسول اللّه . فقلتها وقال : يا شباب ، من أخلصها وعرف الولاية حقّاً حرّم دمه ولحمه على النار .
إذ نعب غراب فجعل يكثر من نعيبه ، فقال أمير المؤمنين : نعيباً لهذا الغراب ، ما أفطنه ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أ وتدري ما يقول ؟ فقال : نعم ، يقول : احذر الخفّ ؛ فإنّ عدوّ اللّه فيه ! ثمّ دنى أمير المؤمنين إلى الفرات ليجدّد الوضوء ، فطار الغراب فأخذ الخفّ في منقاره ، فعلا به الهواء ، ثمّ قلّبه فوقع منه أفعي أرقط أسود ، فقتله أميرالمؤمنين عليه السلامثمّ قال : الحمد للّه وحده ، والصلاة على نبيّه محمّد وآله ، يا شباب ، هكذا عهدتُه صَنَع مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم . فقلت : بأبي أنت واُمّي ، ما يقول الغراب في نعيبه ؟ قال : يقول : اللّه وحده ، ومحمّد نبيّه ، وعليٌّ وصيّه . فقال أمير المؤمنين : يا غراب ، من أين علمت أنّ فيه أفعى ؟ قال : لم أطر في هذه البقعة منذ ثلاثمئة سنة إلاّ يومي هذا ، بعثني اللّه تعالى لاُكلّمك واُعلمك .
ثمّ لبس خفّه بيدي وقال : يا شباب ، عليك بأداء الفرائض ومحبّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم

1.سورة آل عمران ، الآية ۱۷۳ ـ ۱۷۴ .

2.اليقين ، ص۶۵ ـ ۶۷ ، وص۱۴۳ ـ ۱۴۵ ، وص۲۵۴ ـ ۲۵۶ ، مع اختلافٍ .

صفحه از 271