جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 260

فشمّ منه رائحة الكافور ، فقال له : ما لي أشمّ منك رائحة الموتى ؟ قال : لمّا دعوتني في هذا الوقت خفت على نفسي القتل ، فاغتسلت غسل الأموات ، وحضرت بين يديك ، افعل ما بدا لك ! فقال : لا تخف إن كنت صادقاً ، قد بلغني عنك كلام وأنا أسألك عنه ، فاصدق تنج . قال : سل ؛ اُخبرك بعون اللّه وحسن توفيقه . قال : بلغني أنّك إذا خلوت بنفسك تنشد هذه الأبيات :

أصبحت جم بلابل الصدروليت مطويّاً على الجمر
أنْ يحبَّ يوماً طلّ فيه دميوإن سكنت يضيقُ بي صدري
قل لي : ما يطل دمك ولا ۱ يضيق صدرك ؟ فقال : و لي الأمان ؟ قال : قل ولك الأمان . فقال :

ممّا جناه على أبي حسنعمر وصاحبه أبوبكر
جعلوك رابعهم أبا حسنمنعوك حقّ الإرث والصهر
وإلى الخلافة سابقوك وماسبقوك في اُحدٍ ولا بدر
وقتلت في بدر مشايخهمفلأجل ذا طلبوك بالوتر
فعلى الّذي يرضى بفعلهمأضعاف ما حملوا من الوزر
فقال المتوكّل : قاتلك اللّه يا كركدان ! تشتمني في وجهي ؟ قال : حاشا اللّه ، بل أقول الحقّ ، وشيمتك العدل والإنصاف . فقال له : يا كركدان ، يجوز في مذهبك واعتقادك أنّ يزيد بن معاوية كان كافراً ؟ قال : نعم ورأسك العزيز . قال : فيم ذا ؟ قال : لمّا قُتل الحسين عليه السلام وحُمل إليه سبايا الحسين عليه السلام والرأس معهم ، حطّ الرأس في طشت من الذهب قدّامه ، وبقي ينظر إلى الأوصاف الهاشميّة والبهجة الفاطميّة ويقرع ثناياه بقضيب كان عنده ، فنعق غراب من أعلى حيطان داره ، فاستوحش من كان في مجلسه من بني اُميّة ، فأنشد يقول :

يا غراب البين ما شئت فقلإنّما تندب أمراً قد فعل
ليت أشياخي ببدرٍ شهدواوقعة الخزرج مع وقع الأسل
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً
ثمّ قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم
وعدلناه ببدر فاعتدل

لستُ من خندق إن لم أنتقم
من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم في الملك فلا
خبرٌ جاء ولا وحي نزل

قال : هذا شعر يزيد ؟ قال : نعم ورأسك العزيز . فقال : قاتله اللّه ، ما كان أجرأه على الكفر ! لكن يا حسن ، من أين أخذ هذا ؟ وإلى من استند ؟ وعلى رأي من اعتمد ؟ قال : على رأي معاوية . قال : يجوز في مذهبك واعتقادك أنّ معاوية كاتب الوحي كان كافراً ؟ قال : نعم . قال : بم ذا ؟ قال : لأنّه لمّا مرض مرض الموت عادته زوجته فقالت : وحقّك لا أنكح بعلاً بعدك . فقال :

أنا إذ متّ يا اُمّ الحميرة فانكحيفليس لنا بعد الممات تلاقيا
فإن كنت قد أخبرت عن مبعث لناأساطير لهو تجعل القلب واهيا
فقال المتوكّل : هذا شعر معاوية ؟ قال : نعم ورأسك العزيز . قال : يا حسن ، مِن أين أخذ هذا ، وإلى من استند ؟ وعلى رأي من اعتمد ؟ قال : على رأي ابن الحبشيّة صهّاك . قال : أ يجوز في مذهبك واعتقادك أنّه كان كافراً ؟ قال : نعم . قال : بم ذا ؟ قال : لأنّه دخل عليه يومٌ في رمضان وهو مخمورٌ فقال لزوجته : أنبذي لنا تمراً في ماءٍ لنشربه منه . فقالت له : أ ما تستحي من اللّه تشرب النبيذ في شهر رمضان ؟ فأنشد يقول :

أوعد في المعاد بشرب خمرٍوأنهى الآن عن ماء وتمر
أ بعثٌ ثمّ حشر ثمّ نشرحديث خرافة يا اُمّ عمر
قال المتوكّل : هذا شعره ؟ قال : نعم ورأسك العزيز ، فقال : قاتله اللّه ، ما أجرأه على الكفر ! لكن يا حسن ، من أين أخذ هذا ؟ وإلى من استند ؟ وعلى رأي من اعتمد ؟ فقال : على رأي الأوّل . فقال المتوكّل : ما بقي بعد عبّادان قرية ، لكن يا حسن ، يجوز في مذهبك واعتقادك أنّ الأوّل كان كافراً ؟ قال : نعم . قال : بم ذا ؟ قال : لأنّه نادى زوجته في شهر رمضان : آتينا بغدائنا . فقالت له : أ ما تستحيي من اللّه يأكل في شهر رمضان ؟ فأنشأ

1.كذا في الأل ، والصحيح ظاهرا : وما

صفحه از 271