جواهر المطالب في فضائل عليّ بن أبي طالب (سلام الله علیه) - صفحه 79

عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى » 1 أهل بيت النبوّة والرسالة ، الّذين مَثَلُهم كمثل سفينة نوحٍ من ركبها نجى ، ومن تخلّف عنها هلك وهوى ، والّذين ارتفعت شؤونهم الرفيعة في سماء المجد والعُلى ، وجلّت أقدارهم المنيعة عند العليّ الأعلى .

هم القوم مَن أصفاهم الودَّ مُخلصاًتمسّك في اُخراه بالسبب الأقوى
هم القوم فاقوا العالمين مآثراًمحاسنها تجلى وآياتها تروى
موالاتهم فرض وحبّهم هدىوطاعتهم قربى وودّهم تقوى 2
ومن تحلّى بهداهم فقد فاز واهتدى ، ومن تخلّى عنهم فقد خاب وتردّى في مهاوي الردى ؛ هم النازلون في محالّ الهداية أرفعها وأعلاها ، الباذلون في اللّه أرواحهم فما سواها ؛ هم الذين علا علاهم في سماء المعالي والفضائل ، وهم الأفاضل الذين كانوا كما قال القائل :

يا أهل بيت رسول اللّه حبّكمفرضٌ من اللّه في القرآن أنزله
كفاكمُ من عظيم القدر أنّكممن لم يصلّ عليكم لا صلاة له 3
ثمّ قال : هذا ، وإنّ أولى الأولى بالمجد والعُلى ، الّذي هو مولى من كان النبيّ مولاه ، الإمام الهمام العالي المطالب ، أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، المفروضة محبّته على كُلّ حاضرٍ وغائبٍ ، من فاز بمحبّته فاز بسعادة الأبد ، ومن نأى عنه فقد شَقى شقاوةً لا يسعد بعدها وإن صلّى وصام وعبد ، وكأنّي باُناس إذا سمعوا ما اُنزل على الرسول في حقّه حكموا عليه بالرفض ، كأنّهم يقولون نُؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض ، « يُريدُونَ لِيُطْفِئوا نُورَ اللّهِ بِأفْواهِهِم واللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ » 4 .
ولعمري لقد أنصف الشيخ الشافعي في الولاية لعليّ حيث يقول :

قالوا ترفّضت قلت كلاّما الرفض ديني ولا اعتقادي
لكن تولّيت لغير شكٍّخير إمامٍ وخير هادِ
إن كان حبّ الوليّ رفضاًفإنّني أرفض العباد 5
وأنصف الشيخ الكبير الودعي أبو حنيفة الكوفي النعماني حيث يقول :

عليٌّ أمير المؤمنين وحبّهمن اللّه مفروضٌ على كلّ مسلم
عليٌّ وصيّ المصطفى وابن عمّهوأوّل من صلّى وزكّى بخاتم 6
حبّ اليهود لآل موسى ظاهرٌوولاهم لبني أخيه بادي
وإمامهم من نسل هارون الاُولىبهم اقتدوا ولكلّ قوم هاد
وكذا النصارى يُكرَمون محبّةلمسيحهم نجراً من الأعواد
فمتى يوالي آلَ أحمد مسلمقتلوه أو رسموه بالإلحاد
هذا هو الداء العضال ، لمثلهخلت القرون حواضر وبواد
لم يحفظوا حقّ النبيّ محمّدفي آله ، واللّهُ في المرصاد 7
ثمّ ذُكر غير ذلك ممّا هو مسطور في مصنّفاتهم ؛ من أنّه لم يزل أصحاب العلم والفُرقان لا يبرحون عن ظلّ موالاته في القُرون والأعصار ، وأرباب الحقّ والإيقان يبوحون بفضل مصافاته في البُلدان والأمصار ، ويجهرون بتخصيصه بالمدائح والمناقب نثراً ونظماً ، ويشيرون إلى ما له من المنائح والمراتب إرغاماً وهضماً .
وكفاه ما رواه معنعناً بإسناده الإمام المحدّث المتقن سعد الدين أبو حامد محمود بن محمد الصالحاني ، عن الإمام جعفر بن محمّد بن الإمام زين العابدين عليّ بن الإمام الحسين الشهيد بكربلاء ، ابن الأمير الإمام والكبير التمام عليّ المرتضى ـ عليه وعليهم من التحيّة والسلام أولى وأرضى ـ عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه ، عن عليّ ـ كرّم اللّه وجهه ـ ، قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : « إنّ اللّه جعل لأخي عليٍّ فضائل لا تحصى كثرةً ، فمن ذكر فضيلةً من فضائله مقرّاً بها غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، ومن كتب فضيلةً من فضائله لم تزل الملائكة

1.سورة الشورى ، الآية ۲۳ .

2.الفصول المهمّة ، لابن الصباغ ، ص۱۳ ؛ كشف الغمّة ، ج۱ ، ص۴ ؛ ج۳ ، ص۳۵۹ ؛ الصراط المستقيم ، ج۳ ، ص۹۹ ؛ نظم درر السمطين ، ص۱۹ .

3.هذان البيتان من مدائح الشافعي ، انظر : شرح الأخبار ، ج۲ ، ص۴۸۹ ؛ الصواعق المحرقة ، ص۸۸ ؛ ينابيع المودة ، ج۲ ، ص۴۲۴ ؛ الإتحاف بحب الأشراف ، ص۲۹ ؛ نور الأبصار ، ص۱۰۵ ؛ نظم درر السمطين ، ص۱۸ .

4.سورة الصف ، الآية ۸ .

5.ديوان الشافعي ، ص۳۵ ؛ انظر : الصراط المستقيم ، ج۳ ، ص۷۶ ؛ فرائد السمطين ، ج۱ ، ص۴۲۳ ؛ جواهر العقدين ، ج۲ ، ص۱۸۵ ؛ ينابيع المودة ، ج۲ ص۳۷۳ ، وج۳ ، ص۹۸ .

6.نُقل هذه الأبيات باختلاف في بعض ألفاظه : عليّ أمير المؤمنين وحقّهمن اللّه مفروض على كلّ مسلم عليّ وصيّ المصطفى و ابن عمّهو أوّل من صلّى ووحّد فاعلم انظر : الغدير ، ج۲ ، ص۲۲۸ .

7.لم أعثر له على مصدر .

صفحه از 271