3 . الحسن بن راشد الكوفي
هذا الرجل هو الذي وقع في سند أحاديث كتاب آداب أمير المؤمنين عليه السلام فذكره البرقي تارة في أصحاب الصادق عليه السلام :
« إنّه مولى بني العبّاس وكان وزير المهدي وموسى وهارون ، بغدادي » ۱
وذكره أيضا في أصحاب الكاظم عليه السلام : « حسن بن راشد ، مولى بني العبّاس ، كوفي». ۲
فالبرقي تارةً ذكر أنَّ الحسن بن راشد كان بغدادياً ، ومرّةً ذكر أنّه كان كوفيا ، والوجه في ذلك أنَّ قاسم بن يحيى كوفيّ الأصل بغداديّ المسكن .
وذكره الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام قائلاً : « الحسن بن راشد ، مولى بني العبّاس ، كوفي ، من أصحاب الصادق عليه السلام » . ۳
وذكره الشيخ في أصحاب الكاظم عليه السلام قائلاً : ۴ « الحسن [ الحسين ]بن راشد ، مولى بني العبّاس ، بغدادي » .
والظاهر أنَّ الحسين بن راشد الذي ذكر في بعض نسخ رجال الطوسي هو تصحيف الحسن بن راشد أو سهو من قلم الشيخ . ۵
وقال ابن الغضائري : « الحسن بن راشد : مولى المنصور ، أبو محمّد ، روى عن أبي عبد اللّه وأبي
الحسن موسى عليهماالسلام ، ضعيف في روايته» . ۶
وناقش المحقّق النوري في تضعيف ابن الغضائري للرجل ، وصرّح بأنَّ تضعيفات ابن الغضائري ضعيفة ، مضافاً إلى أنَّه يكشف حسن حال الحسن بن راشد الكوفى من كثرة رواية ابن أبي عمير عنه. ۷
وقال السيّد الخوئي عند ذكر حديث من كتاب آداب أمير المؤمنين عليه السلام :
«وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة عند القوم إلاّ أنّها معتبرة عندنا ، إذ ليس في السند من يغمز فيه إلاّ الحسن بن راشد جدّ القاسم بن يحيى ، ولكنّه لا بأس به . . . ولم يرد في حقّه توثيق في كتب الرجال ، ولكنّه مذكور في إسناد كامل الزيارات بنفس العنوان المذكور في سند هذه الرواية ، أي : القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد ، وعليه فالرواية معتبرة » . ۸
وأنت خبير أنَّ السيّد الخوئي تراجع عن مبناه في كامل الزيارات .
كما أنَّه يمكن القول بوثاقة القاسم بن يحيى لحكم الصدوق بصحّة ما رواه في زيارة الحسين عليه السلام عن الحسن بن راشد ، وصرّح بأنّ هذه الزيارة أصحّ الزيارات عنده رواية . ۹
وأنت خبير بأنَّه لا يثبت الوثاقة المصطلحة بكلام الشيخ الصدوق.
فالحاصل أنَّ الرجل لم يضعّفه إلاّ ابن الغضائري ، والظاهر أنَّ تضعيف ابن الغضائري لحسن بن راشد راجع إلى المسائل السياسية ؛ لأنَّ الرجل كان وزير المهدي وموسى وهارون ( من خلفاء بني العبّاس) ، هذا مضافا إلى أنَّ الأصحاب قدحوا في تضعيفات ابن الغضائري ، فكيف كان شهرة كتاب آداب أمير المؤمنين عليه السلام بين قدماء أصحابنا ۱۰ ترشدنا إلى الاعتماد على الكتاب ، وإن لم تثبت الوثاقة المصطلحة للحسن بن راشد .
ثمَّ لابأس بالإشارة إلى نكتة وهي أنَّ الشيخ قال في فهرسته: «الحسن بن راشد : له كتاب الراهب والراهبة ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن محمّد بن أبي القاسم ـ ماجيلويه ـ عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد » . ۱۱
ولكن النجاشي لم يتعرّض للحسن بن راشد في كتابه ؛ لأنَّه لم يثبت عنده أنَّ للحسن بن راشد كتاباً ، بل صرَّح النجاشي بأنَّ كتاب الراهب والراهبة كان لربعي بن عبد اللّه ، وفي الواقع أنَّ للحسن بن راشد نسخةً من كتاب الراهب والراهبة وعلى هذا فقد وقع السهو في قلم الشيخ حيث نسب كتاب الراهب والراهبة إلى الحسن بن راشد ، والظاهر أنَّ النجاشي صحَّح في المقام كلام الشيخ ، فقال في ترجمة ربعي بن عبد اللّه : « ذكر أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن بابويه كتاب الراهب والراهبة رواية محمّد بن الحسن [ بن الوليد ] ، عن محمّد بن الحسن [ الصفّار ] ، عن أحمد بن محمّد [ بن عيسى ] ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد في فهرسته». ۱۲
فكتابالراهب والراهبةليس للحسن بن راشد ،بل إنَ الحسن بن راشد كان راوياً لهذا الكتاب .
أمّا محمّد بن مسلم الذي نقل القاسم بن يحيى عن الحسن بن راشد عنه فحاله غني عن البيان ، ونكتفي بكلام النجاشي في حقّه : « محمّد بن مسلم بن رياح ، أبو جعفر الأوقص الطحّان ، مولى ثقيف الأعور ، وجه أصحابنا بالكوفة ، فقيه ، ورع ، صحب أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهماالسلام ، وروي عنهما وكان من أوثق الناس » . ۱۳
ثمَّ لا بأس بالإشارة إلى نكتة ، وهي أنَّ النجاشي ذكر كتاباً لمحمّد بن مسلم ، فقال:
«له كتاب يسمّى الأربعمئة مسألة في أبواب الحلال والحرام ، أبرنا أحمد بن علي ۱۴ قال : حدّثنا ابن سفيان ۱۵ عن حميد ، ۱۶ قال :حدّثنا حمدان القلانسي ،قال :حدّثنا السندي بن محمّد عن العلاء بن رزين عنه » . ۱۷
ربّما يتوهّم أنَّ القاسم بن يحيى روى عن جدّه ، عن محمّد بن مسلم كتاب محمّد بن مسلم ، ومعنى ذلك اتحاد هذين الكتابين :
أ ـ كتاب الأربعمئة مسألة في أبواب الحلال والحرام .
ب ـ كتاب آداب أمير المؤمنين عليه السلام الذي ذكر فيه « 400 » حديث .
ولكن الإنصاف أنَّه لا مجال لهذا التوهّم ؛ لأنَّ النجاشي صرّح بأنَّ كتاب محمّد بن مسلم
كان في أبواب الحلال والحرام ، ولكن موضوعات كتاب آداب أمير المؤمنين عليه السلام في مختلف الأبواب ، ۱۸ مضافا إلى أنَ القاسم بن يحيى ذكر أحاديث كتابه عن محمّد بن مسلم وأبي بصير .
أمّا أبو بصير الذي نقل القاسم بن يحيى أحاديث كتابه من طريق الحسن بن راشد عنه فمقتضى التحقيق أنَّ أبا بصير في هذه الطبقة مشترك بين رجلين ثقتين ( لا غيرهما ) وهما : ليث بن البختري ويحيى بن القاسم .
فأمّا ليث بن البختري فقد عدّه الكشّي من أصحاب الإجماع ۱۹ ووثقه ابن الغضائري ، ۲۰ وأمّا يحيى بن القاسم فلقد وثقه النجاشي . ۲۱
1.رجال البرقي : ص ۲۶ .
2.رجال البرقي : ص ۴۸ .
3.رجال الطوسي : ص ۱۸۱ الرقم ۲۱۷۲ .
4.رجال الطوسي : ص ۳۳۰ الرقم ۴۹۷۳ .
5.قال ابن داوود : إنّي رأيته بخطّ الشيخ أبي جعفر في كتاب الرجال : حسين بن راشد مولى بني العبّاس ، وأمّا الحسن بن راشد أبو علي مولى آل المهلب فمن رجال الجواد عليه السلام ، وهو بغدادي ثقة ، وربّما التبس الحسين بن راشد بالحسن بن الراشد ، ذاك مولى بني العبّاس وهذا مولى آل المهلب ، وذاك من رجال الصادق عليه السلام ، وهذا من رجال الجواد عليه السلام ( رجال ابن داوود : ص ۲۳۸) .
وقال الأردبيلي: والحقّ أنّ حمل ما في أصحاب الكاظم عليه السلام على السهو من الشيخ أقرب من وقوع السهو عنه وعن غيره في مواضع على أنّه لا ريب أنّ في رجال الصادق عليه السلام الحسن بن راشد ، كما هو معلوم من سند الروايات في كتب الحديث ( جامع الرواة : ج ۱ ص ۱۹۷ ) .
6.رجال ابن الغضائري : ص ۲۹ الرقم ۴۹ .
7.خاتمة المستدرك : ج ۴ ص ۲۳۹ .
8.كتاب الصوم للسيّد الخوئي : ج ۱ ص ۳۸۰ .
9.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۵۹۸ .
10.على ما سيأتي شرحه في الفصل الثالث .
11.الفهرست: ص ۱۰۶ رقم ۲۰۰ .
12.رجال النجاشي : ص ۱۶۷ رقم ۴۴۱ .
13.رجال النجاشي : ص ۳۲۳ رقم ۸۸۲ .
14.هو أحمد بن علي بن نوح السيرافي .
15.هو حسين بن علي بن سفيان البزوفري .
16.هو حميد بن زياد الذي له فهرست : فالنجاشي ذكر كتاب محمّد بن مسلم من فهرست حميد .
17.رجال النجاشي : ص ۳۲۴ رقم ۸۸۲ .
18.من الطب والحجامة والسعوط والدعاء والاستغفار والأمانة والبركة والبكاء والدنيا والرزق والورع والوسواس ، وآداب المعاشرة ووصف الكوثر و . . . على ما سيأتي بيانه .
19.اختيار معرفة الرجال : ج ۲ ص ۵۰۷ الرقم ۴۳۱ .
20.رجال ابن الغضائري : ص ۱۱۱ الرقم ۱۶۵ .
21.قال النجاشي : يحيى بن القاسم ، أبو بصير الأسدي ، وقيل : أبو محمّد ، ثقة ، وجيه ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام ( رجال النجاشي : ص ۴۴۰ الرقم ۱۱۸۷ ) .