115
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
114

۰.التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلَّها ، وذلك بتوفيق اللّه تعالى وخذلانه ، فمن أرادَص 8
اللّه توفيقَه وأن يكونَ إيمانُه ثابتا مستقرًّا ، سبَّبَ له الأسباب التي تُؤدِّيه إلى أن يأخُذَ دينَه من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلوات اللّه عليه وآله بعلم ويقين وبصيرة ، فذاك أثْبَتُ في دينه من الجبال الرواسي ، ومن أراد اللّه خذلانَه وأن يكونَ دينُه معارا مستودعا ـ نعوذ باللّه منه ـ سبَّبَ له أسبابَ الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة ، فذاك في المشيئة ، إن شاءَ اللّه ُ تبارك وتعالى أتمَّ إيمانَه ، وإن شاءَ سَلَبَهُ إيّاه ، ولا يُؤْمَن عليه أن يُصْبِحَ مؤمنا ويُمسيَ كافرا ، أو يمسيَ مؤمنا ويُصبِحَ كافرا ؛ لأنّه كلَّما رأى كبيرا من الكُبراء مالَ معه ، وكلَّما رأى شيئا استحسن ظاهرَه قَبِلَه ، .........

قوله : (التي قد اسْتَوْفَتْ شرائطَ الكفرِ والشركِ كُلَّها) فمن مشبّه ، ومجسّم ، ومصوّر ، وقائل بصفات زائدة على ذاته ، وقائل بأنّه تعالى يرى بالأبصار ، ومجبر ، وقدريّ ، وغير ذلك ممّا اللّه تعالى مقدّس ومنزّه عنه ، وسبب ذلك كلّه اتّباع الأهواء والآراء والاعتماد على العقول الناقصة .
قوله : (وذلك بتوفيقِ اللّه ِ عزّ وجلّ وخِذلانِه ، فمَن أرادَ اللّه ُ توفيقَه وأن يكونَ إيمانُه ثابِتاً مُستقِرّاً سَبَّبَ له الأسبابَ التي تُؤدّيه إلى أن يَأْخُذَ دينَه من كتابِ اللّه ِ وسُنَّةِ نبيِّهِ صلوات اللّه عليه وآله) .
من المعلوم المقرّر أنّ اللّه سبحانه منزَّه عَن الظلم والكذب ، وأنّه أعطى
كلّ مكلّف استطاعة يفعل بها ما يشاء من الخير والشرّ ؛ فاللّه سبحانه منزَّه عن أن يخذل من لا يستحقّ الخذلان بسوء فعله الذي صار سبباً للتخلية بينه وبين ما يريد ، ومنعه العناية التي تميله وتصرفه عمّا يفعله بسوء اختياره ، وإذا رأى من عبد طاعةً وانقيادا ، أمَدَّه بالتوفيق والعناية اللذين يتقوّى بهما ميله ودواعيه إلى ما يقرّبه إلى رضاه ويبعّده عن معصيته ، وهذه زيادة عن أصل اللطف بكلّ مكلّف ، فهذا ـ واللّه أعلم ـ معنى التوفيق والخذلان منه تعالى .
وقد يتدارك اللّه بتفضّله وعفوه بعض أهل الخذلان بالإمداد بالتوفيق إلى الإيمان ؛ ولهذا قال رحمه اللّه : (فذاك في المشيّة) وذلك إتمامٌ لأصل إيمانه الذي نقص باتّباعه الإستحسان والميل مع كلّ ناعق .
وقد يكون ميله إلى من يهديه بتوفيق اللّه تعالى فيتمّ إيمانه ، وقد يسلبه الإيمان بالكلّيّة بأن يبقيه على اتّباعه هواه وسوء فعله الذي اختاره وترقّى به إلى أن منع العناية الإلـهيّة .
وكون الإيمان عارية ووديعة عند مثل هذا ظاهرٌ ، بخلاف الأوّل الثابت على الإيمان ، فإنّه كالمالك الذي لا يؤخذ ما في يده منه ، كما تؤخذ العارية والوديعة .
وقد رأيت بعد كتابة هذا الكلام في كتاب التوحيد للصدوق رحمه الله ـ في باب التوفيق والخذلان من اللّه تعالى ـ ما يؤ?ده بحمد اللّه تعالى ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قوله عزّ وجلّ : « إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِى يَنصُرُكُم مِّنم بَعْدِهِ »۱ ، قال : «إذا فعل العبد ما أمره اللّه عزّ وجلّ به من الطاعة ، كان فِعْلُه وفقاً لأمر اللّه عزّ وجلّ ، وسمّي العبد به موفّقاً ؛ وإذا أراد العبد أن يدخل في شيء من معاصي اللّه ، فحال اللّه تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية ، فتركها ، كان تركه لها بتوفيق اللّه تعالى ذكره ؛ ومتى خلّى بينه وبين ۲ المعصية فلم يحل بينه وبينها حتّى يرتكبها ، فقد خَذَلَه ولم ينصره ولم يوفّقه» . ۳

1.آل عمران (۳) : ۱۶۰ .

2.في المصدر : + «تلك» .

3.التوحيد ، ص ۲۴۲ ، باب تفسير الهدى والضلالة والتوفيق والخذلان من اللّه تعالى ، ح ۱ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98728
صفحه از 715
پرینت  ارسال به