۰.وقلتَ : إنّك تُحِبُّ أن يكونَ عندك كتاب كافٍ يُجْمَع فيه من جميع فنون علم الدين ما يَكْتفي به المتعلّمُ ، ويَرْجع إليه المسترشد ، ويأخُذُ منه من يريد علمَ الدين والعملَ به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسننِ القائمة التي عليها العملُ ، وبها يُؤَدَّى فرضُ اللّه عزّ وجلّ وسنّةُ نبيّه صلى الله عليه و آله .
وقلت : لو كان ذلك ، رَجَوْتُ أن يكونَ ذلك سببا يَتدارك اللّه تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملّتنا ، ويُقْبِلُ بهم إلى مَراشدهم .
قوله : (ويَأخُذُ مِنْه مَن يُريدُ عِلْمَ الدينِ والعَمَلَ به بالآثارِ الصحيحةِ عن الصادقينَ عليهم السلام والسُّنَنِ القائمةِ التي عليها العَمَلُ ، وبها يُؤدى فَرْضُ اللّه ِ عزّ و جلّ وسُنَّةُ نَبِيّه صلى الله عليه و آله ) .
هذه شهادة من المصنّف ـ قدّس اللّه روحه ـ بصحّة ما في كتابه . واحتمال إرادة الأخذ منه بالآثار الصحيحة لا يستقيم ، فإنّه مبنيّ على الصحّة بالمعنى المشهور بين المتأخّرين ؛ للنهي عن قبول خبر الفاسق ۱ ، ولما في الأحاديث من نحو : «فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه» ۲ ؛ و «لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا ، فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك عن الخائنين» الحديث ۳ ، وغيره .
وهذا لم يكن في زمن المصنّف ليحمل عليه ، بل المراد بالصحيح ما صحّ عنده بقرائن تدلّ على صحّته . ومع هذا لم يكتف المتقدّمون ـ رحمهم اللّه ـ بصحّة حديث والعمل به بمجرّد صحّته عند آخر .
يظهر ذلك لمن تتبّع كلامهم ، فالصدوق يدلّ بعض كلامه على هذا ، والشيخ يردّ كثيراً أخباراً شهد بصحّتها الكليني والصدوق ـ رحمهم اللّه ـ بأنّها ضعيفة أو أخبار آحاد . ولتفصيل هذا محلّ آخر ذكرتُ طرفاً منه في حاشية شرح اللمعة .
وربّما ظهر من بعض كلام والدي ـ رحمه اللّه ـ الميلُ ۴ إلى الاعتماد على الحَسَنِ من أحاديث هذا الكتاب باعتبار هذه الشهادة من مثل هذا الرجل الجليل . وفي المقام كلامٌ ليس هذا محلّه .
1.الحجرات (۴۹) : ۶ .
2.الكافي ، ج۱، ص۳۲، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء، ح۲؛ بصائر الدرجات ، ص۱۰ـ۱۱، نادر من الباب وهو منه...، ح۱و۳؛ الاختصاص، ص۴؛ الدعوات، للراوندي، ص۶۳، فصل في ألحّ الدعاء وأرجزه، ح۱۵۷؛ وسائل الشيعة ، ج۲۷، ص۷۸، ح۳۳۲۴۷ ، وفي بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۹۲ ، باب من يجوز أخذ العلم منه ... ، ح ۲۱ عن البصائر ؛ وج۲ ، ص ۱۵۱ ، باب فضل كتابة الحديث وروايته ، ح ۳۱ عن الدعوات .
3.رجال الكشّي ، ص ۳ ، ح ۴ ، وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۵۰ ، ح ۳۳۴۵۷ ، وفي بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص۸۲ ، باب من يجوز أخذ العلم منه ... ، ح ۲ عن رجال الكشّي .
4.في «ألف وب» : «وكان والدي رحمه اللّه ربما يميل» ، وفي «ج» : «وكان والدي رحمه اللّه أخيرا ربما يميل» كلاهما بدل «وربما يظهر من بعض كلام والدي رحمه اللّه الميل» . ووالده : محمّد بن حسن بن زين الدين ، صاحب استقصاء الاعتبار .