117
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وقلتَ : إنّك تُحِبُّ أن يكونَ عندك كتاب كافٍ يُجْمَع فيه من جميع فنون علم الدين ما يَكْتفي به المتعلّمُ ، ويَرْجع إليه المسترشد ، ويأخُذُ منه من يريد علمَ الدين والعملَ به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسننِ القائمة التي عليها العملُ ، وبها يُؤَدَّى فرضُ اللّه عزّ وجلّ وسنّةُ نبيّه صلى الله عليه و آله .
وقلت : لو كان ذلك ، رَجَوْتُ أن يكونَ ذلك سببا يَتدارك اللّه تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملّتنا ، ويُقْبِلُ بهم إلى مَراشدهم .

قوله : (ويَأخُذُ مِنْه مَن يُريدُ عِلْمَ الدينِ والعَمَلَ به بالآثارِ الصحيحةِ عن الصادقينَ عليهم السلام والسُّنَنِ القائمةِ التي عليها العَمَلُ ، وبها يُؤدى فَرْضُ اللّه ِ عزّ و جلّ وسُنَّةُ نَبِيّه صلى الله عليه و آله ) .
هذه شهادة من المصنّف ـ قدّس اللّه روحه ـ بصحّة ما في كتابه . واحتمال إرادة الأخذ منه بالآثار الصحيحة لا يستقيم ، فإنّه مبنيّ على الصحّة بالمعنى المشهور بين المتأخّرين ؛ للنهي عن قبول خبر الفاسق ۱ ، ولما في الأحاديث من نحو : «فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه» ۲ ؛ و «لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا ، فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك عن الخائنين» الحديث ۳ ، وغيره .
وهذا لم يكن في زمن المصنّف ليحمل عليه ، بل المراد بالصحيح ما صحّ عنده بقرائن تدلّ على صحّته . ومع هذا لم يكتف المتقدّمون ـ رحمهم اللّه ـ بصحّة حديث والعمل به بمجرّد صحّته عند آخر .
يظهر ذلك لمن تتبّع كلامهم ، فالصدوق يدلّ بعض كلامه على هذا ، والشيخ يردّ كثيراً أخباراً شهد بصحّتها الكليني والصدوق ـ رحمهم اللّه ـ بأنّها ضعيفة أو أخبار آحاد . ولتفصيل هذا محلّ آخر ذكرتُ طرفاً منه في حاشية شرح اللمعة .
وربّما ظهر من بعض كلام والدي ـ رحمه اللّه ـ الميلُ ۴ إلى الاعتماد على الحَسَنِ من أحاديث هذا الكتاب باعتبار هذه الشهادة من مثل هذا الرجل الجليل . وفي المقام كلامٌ ليس هذا محلّه .

1.الحجرات (۴۹) : ۶ .

2.الكافي ، ج۱، ص۳۲، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء، ح۲؛ بصائر الدرجات ، ص۱۰ـ۱۱، نادر من الباب وهو منه...، ح۱و۳؛ الاختصاص، ص۴؛ الدعوات، للراوندي، ص۶۳، فصل في ألحّ الدعاء وأرجزه، ح۱۵۷؛ وسائل الشيعة ، ج۲۷، ص۷۸، ح۳۳۲۴۷ ، وفي بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۹۲ ، باب من يجوز أخذ العلم منه ... ، ح ۲۱ عن البصائر ؛ وج۲ ، ص ۱۵۱ ، باب فضل كتابة الحديث وروايته ، ح ۳۱ عن الدعوات .

3.رجال الكشّي ، ص ۳ ، ح ۴ ، وسائل الشيعة ، ج ۲۷ ، ص ۱۵۰ ، ح ۳۳۴۵۷ ، وفي بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص۸۲ ، باب من يجوز أخذ العلم منه ... ، ح ۲ عن رجال الكشّي .

4.في «ألف وب» : «وكان والدي رحمه اللّه ربما يميل» ، وفي «ج» : «وكان والدي رحمه اللّه أخيرا ربما يميل» كلاهما بدل «وربما يظهر من بعض كلام والدي رحمه اللّه الميل» . ووالده : محمّد بن حسن بن زين الدين ، صاحب استقصاء الاعتبار .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
116

۰.وقد قال العالم عليه السلام : «إنّ اللّه عزّ وجلّ خلَقَ النبيّين على النبوّة ، فلا يكونون إلاّ أنبياءَ ، وخلَقَ الأوصياءَ على الوصيّة ، فلا يكونون إلاّ أوصياءَ ، وأعارَ قوما إيمانا ، فإنْ شاءَ تمَّمَهُ لهم ، وإن شاءَ سَلَبَهم إيّاه» قال : «وفيهم جرى قوله : « فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ » » .
وذكرْتَ أنّ اُمورا قد أشكلَتْ عليك ، لا تَعرفُ حقائقَها لاختلاف الرواية فيها ، وأنّك تَعْلم أنّ اختلاف الرواية فيها لاختلاف عِلَلِها وأسبابِها ، وأنّك لا تجدُ بحضرتك من تُذاكِرُه وتُفاوِضُه ممّن تثق بعِلْمه فيها .

قوله : (وقد قالَ العالِمُ عليه السلام : «إنّ اللّه َ ـ عزَّ وجَلَّ ـ خَلَقَ النبيّينَ على النبوّةِ ، فلا يَكونونَ إلاّ أنبياءَ ، وخَلَقَ الأوصياءَ على الوصيّةِ ، فَلا يَكونونَ إلاّ أوصياءَ ، وأعارَ قوماً إيماناً ، فإنْ شاءَ تَمَّمَهُ لهم ، وإن شاءَ سَلَبَهم إيّاهُ» ، قال : «وفيهم جَرى قولُه۱:« فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ »۲») .
معنى الحديث ظاهرٌ ، فإنّ خَلْقه تعالى النبيّين على أن يكونوا أنبياء ـ أي لأجل أن يجعلهم أنبياء ـ لا يجوز تخلّف ما خُلقوا لأجله ، كما تقدّم في خلق العباد للتكليف ؛ وكذلك الأوصياء ، ولا مدخل للبداء هاهنا .
والفرق ظاهر بين هذا وقوله تعالى : « وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الاْءِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ »۳ ؛ فتدبّر .
وفي باب المعارين من كتاب الإيمان والكفر من هذا الكتاب ، عن أبي الحسن ، وهو الكاظم عليه السلام ، قال: «إنّ اللّه تعالى خَلَق النبيّين على النبوّةِ، فلايَكونونَ إلاّ أنبياءَ،وخَلَقَ المؤمنين على الإيمانِ ، فلا يَكونونَ إلاّ مؤمنين ، وأعارَ قوماً إيماناً ، فإن شاءَ تَمَّمَهُ لهم ، وإن شاء سَلَبَهُم إيّاه» ، قال : «وفيهم جرى : « فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ » » الحديث . ۴
وهذا ـ كما ترى ـ أنسب بما ذكره المصنّف رحمه الله هنا ، فإنّه دالّ على من إيمانهم ثابت ، وهو القسم الذي ذكره ؛ والحديث المنقول هنا ليس فيه ذكر ثابتي الإيمان الذين هم غير الأنبياء والأوصياء ؛ فتأمّل .
ويمكن أن يكون مراده الاستشهاد على المعارين فقط ، والمؤمنون في الحديث لا يبعد أن يكون المراد بهم الأوصياء ، أو ما يشمل غيرهم .

1.في الكافي المطبوع : + «تعالى» .

2.الأنعام (۶) : ۹۸ .

3.الذاريات (۵۱) : ۵۶ .

4.الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۱۸ ، باب المعارين ، ح ۴ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 98629
صفحه از 715
پرینت  ارسال به