175
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۰.وكفُّ الأذى من كمال العقل ، وفيه راحةُ البدن عاجلاً وآجلاً .
يا هشام ، إنَّ العاقلَ لا يُحدِّثُ من يَخافُ تكذيبَه ، ولا يسألُ من يَخافُ منعَه ، ولا يَعِدُ ما لا يقدرُ عليه ، ولا يرجو ما يُعنَّفُ برجائه ، ولا يُقْدِمُ على ما يخافُ فوتَه بالعجز عنه» .

قوله عليه السلام فيه : (وكَفُّ الأذى من كمالِ العقلِ ، وفيه راحةُ البدنِ عاجلاً وآجلاً) .
لا شبهة في أنّ العاقل يعلم أنّ الأذى المنهيَّ عنه وَبالٌ وتَعَبٌ على صاحبه في الدنيا كخوفه ممّن يؤذيه وغيره من نحو السلطان ، فيتعب بدنه بحركة وضرب ونحوهما ، وقد يؤول إلى مرض ونحوه يحصلان من خوف وفكر ووساوس ۱ ؛ وفي الآخرة بالعذاب بسبب ذلك ؛ ففي ترك الأذى راحة الدارين ، فمن كمال العقل ـ بمعنى متابعته في ترك ذلك ـ كفّ الأذى .
ولا ينافي ذكر البدن مشاركة الروح في الراحة والتعب للبدن ، فإنّه يعبّر في مثله بالبدن ونحوه عمّا له زيادة تميز وظهور فيما تعلّق به شيء ؛ واللّه أعلم .
قوله عليه السلام فيه وهو آخره : (ياهشام ، إنّ العاقلَ لا يُحَدِّثُ مَن يَخافُ تكذيبَه۲...) . أي من يتابع عقله ويعمل به لا يفعل هذه الأشياء ، فينبغي للعاقل أن لا يفعلها .
ويحتمل أن يكون المعنى : أنّ من ليس له غريزة أصلاً ـ أو غريزة ناقصة ـ يفعل هذه الأشياء ، فينبغي لصاحب الغريزة أن لا يفعل مثل فعله ويتشبّه به .
و«التعنيف» التعيير واللؤم ، والمعنى ظاهرٌ ، واللّه أعلم .

1.في «ج» : «وسواس» .

2.في حاشية «د» : «حديث هشام هذا ، نقله الحسن بن شعبة في كتاب تحف العقول ، وفيه زيادة كثيرة عمّا هنا . [راجع : تحف العقول ، ص ۳۹۰] (منه) » .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
174

۰.وقال الحسن بن عليّ عليهماالسلام : إذا طَلَبْتُم الحوائجَ فاطلبوها من أهْلِها ، قيلَ : يا ابن رسول اللّه ، ومَن أهلُها؟ قال : الّذين قَصَّ اللّه ُ في كتابه وذَكَرَهم ، فقال : « إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الْأَلْبَـابِ » قال : هم أُولوا العقول .
وقال عليُّ بن الحسين عليهماالسلام : مجالَسةُ الصالحين داعيةٌ إلى الصلاح ، وآدابُ العلماء زيادةٌ في العقل ، وطاعةُ ولاةِ العدلِ تمامُ العزّ ، واستثمار المال تمامُ المروءة ، وإرشاد المستشير قضاءٌ لحقّ النعمة ، .........

قوله عليه السلام فيه : (إذا طَلَبْتُم الحوائجَ فاطلبوها من أهلها ...) .
أي إذا أردتم طلب الحوائج ، فاطلبوها من أهل العقول العاملين بمقتضى عقولهم ، فإنّه مَن كان كذلك ، كانَ محلاًّ لأن يقضي الحوائج ، فإنّ تركه ذلك لا يجامع عقله ، والفرض أنّه عاقل بالمعنى المذكور .
قوله عليه السلام فيه : (واستثمارُ المالِ تمامُ المروّةِ) .
أي في استثماره مروّة تامّة ؛ لأنّه باعث على اجتناب ما فيه دناءة وخِسّة . وذلك مروّة كاملة في نفسها لمن يقنع به ، ولا يميل به الدناءة معه إلى غيره ، فإنّ المراد استثماره لأجل رفع ۱ ذلك . والمقامات تدلّ على مثل هذا التقييد في نحو هذا ، ومن هذا القبيل دلالته على أنّ المراد استثماره على وجه لا ينافي المشروع .
قوله عليه السلام فيه : (وإرشادُ المُستشيرِ قَضاءٌ لحقِّ النعمةِ) . الظاهر أنّ المراد من النعمة فيه النعمة التي أنعم اللّه سبحانه بها على المستشار بأن منحه من العقل والرأي السديد ماصار بسببه يُرجَع إليه في المشورة . وقوله تعالى لنبيّه عليه الصلاة والسلام : «وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ»۲ لمصلحة اقتضت ذلك ، لا لكونهم أحسن رأياً منه .
وهذا على تقدير أن يكون بمعنى الاستشارة ، ولو كان المراد منها مشاركَتهم في المشورة لمصلحة ، لم يرد ما ذكر ؛ واللّه تعالى أعلم .

1.في «ألف» : «دفع» .

2.آل عمران (۳) : ۱۵۹ .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    سایر پدیدآورندگان :
    الدرایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 106465
صفحه از 715
پرینت  ارسال به